Page 111 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 111
الاختلاف ميدان يمكن له أن يجمع محمد يوسف نجم إشراق سامي
كل الأطياف ويوحدها عن طريق التي عادة ما ترافق الصيف حين يكون عار ًيا عن
وسائل الرفاهية وأسبابها ..نسي أن يخبر السائق
الخطاب فيصنع من هذا وذاك سلالة رغبته بالنزول قرب شارع بيتهم ..حين تذكر كان
عليه أن يمشي مسافة طويلة( ..لا بأس ،فأنا بشر
قصصية تدعي التشابه وتنادي
والنسيان وارد .يداعب نفسه بهذه الكلمات قبل
بالقرابة ،عل ًما أن هذه السلالات أن تبدأ حفلة الملامة على وقع السخونة الشديدة
البشرية المختلفة تستعمل اللغة
للشمس[ »..دفاتر عائلية ،ص.]64
كأداة مهيمنة لتجعلها ضمن هذه تحافظ القصة القصيرة على الشخصيات والمشاهد،
عاد ًة من خلال التركيز على صراع أو ذروة واحدة
المجموعة القصصية ،وتفرض عليها
مركزية فقط ،وتقود نحو كشف مفاجئ وغير
الحوار مع بقية الأجناس الأخرى، متوقع .والكاتبة في مجموعتها تتحكم جي ًدا في
الآلية التي تقتضي أن نعلم القليل الضروري فقط
فتجد موضوع الحكايات يختلف، لكي ندخل أجواء القصة .فهي عمو ًما متأنية هادئة
أثناء العرض والخلفية الدرامية لحكاياتها العائلية
ولكنه يقترب من ناحية الطرح أو أو الآتية في مجملها من ذاكرة بعيدة تصاحبها
موسيقى هادئة مهدهدة ..هي تشعر بأننا نحتاج
يحاول الاقتراب إلى مشاركة وجدانية أكثر من حاجتنا إلى معلومات
من عشرين شخ ًصا :رجال ونساء بعيون زرقاء مستفيضة.
ووجوه شديدة البياض وبألسن غريبة الألحان، في قصة عمتها التي عنوانها «حكاية عمتي» والتي
ولأنهم كانوا شديدي الذكاء فقد استمالوا قلب
قد تكون القصة المفضلة في المجموعة بالنسبة
شيخ القرية شديد العاطفة تجاه تلك الأوراق لشخصي المتواضع ،ترسم إشراق سامي بورتري ًها
صاحبة الرائحة الغريبة التي يمكن لمن يحملها
أن يأخذ من سوق القرية ما يشتهي .ولأن عمتي جمي ًل ج ًّدا بكلمات ولقطات في غاية البساطة مع
مجبولة على الأمومة فقد كانت ساحة بيتها ملا ًذا توابل ضرورية في غاية الجمال.
لذوي الوجوه المحمرة ،كان يؤنسهم الجلوس تحت
ظلال الرمان والنخيل فيها وهم يشربون ما تغلي «ذات يوم دخلت إرسالية أجنبية مبعوثة من
لهم من زهورات ونومي بصرة ودارسين تعلمهم الأمم المتحدة القرية ،كانت تلك الإرسالية مكونة
العربية وتلتقط منهم بعض قواعد الحياة المختلفة.
العمة ذات الوشم البالغ الجمال كانت تتمايل
بجسمها الرشيق القوي بين دروب القرية مزه َّوة
فرحة كما لم يبصرها الآخرون من قبل ،بعضهم
قال إنها تحصل منهم أي ًضا على تلك الأوراق
الساحرة ،آخرون أكدوا أن سح ًرا ما أصابها وأن
هؤلاء الذين يرطنون بطريقة غريبة إنما يحفظون
الطلاسم التي تستعبد البشر ..عمتي لم تكن تمنح
هذه الأقاويل شيئًا من قلقها ،بل كانت تزداد
في امتثالها للفرح ،ازداد اللغو؛ فالغواية حكاية
لذيذة الأسرار تتناقلها أفواه النساء هنا في قرانا،
وحين يرتفع المساء معلنًا بعض الحرارة الرطبة