Page 110 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 110
العـدد 34 108
أكتوبر ٢٠٢1
هو تقديم الحكاية بشكل جميل يضمن البلوغ العقل ،لكنه يقبلها لأنها تشبهه وتمثله ،لكن عندما
والبلاغة ،يضمن سريان المعنى والكهرباء الفنية نسافر في هذا الجو العائلي ،نلاحظ أن القاصة
التي تصاحبه. إشراق سامي صنعت عالمًا قصصيًّا متجد ًدا يقبله
نقرأ معها مث ًل هذا المقطع: العقل ويتفاوض معه الخيال.
«صوف أبيض بحافات زرقاء تركوازية ساطعة
البهجة ،مثلث الشكل مع قبعة للرأس ،إنه نوع من تفكيكات البناء الفني
الكنزات الصوفية الناعمة التي نرتديها في الشتاء،
بارد ذاك الصباح والشمس لم تأخذ بعد ق ًرارا إن كتابة القصص القصيرة تعني البدء في أقرب
نهائيًّا بالسطوع في نهارها وأخذ استراحة من وقت ممكن من الذروة؛ والذروة نقطة متحركة
العمل اليومي الممل ،م َّر باص الروضة على أبواب من قصة إلى أخرى ،لأن القصص نتف تستوقف
الجيران ،عزف نغمته الضاجة بطلب الإسراع. الكتاب من حياة تشبه النهر الذي يجرف كل شيء..
وصل بابنا أخي ًرا .خرج ْت متهادية ببنطال بمربعات لذا فذروة قصة قد تكون نقي ًضا لذرة قصة أخرى..
غامقة الألوان وكنزتها المدهشة ،ركبت الباص، كل شيء آخر في القصة هو إلهاء ،أو ما يسميه
أخذت مقعدها بصعوبة بين شغب الأطفال ،هنا محمد يوسف نجم في كتابه الذي قرأه الجميع
قرب النافذة ،النافذة عمو أرجوك[ .»..دفاتر عائلية، «الحشو» ..حشو بالمعنى التقني بعي ًدا عن كل حكم
قيمة يستسحن أو يستهجن ..والغريب أنه كثي ًرا
ص]18 ما نرى أن القصة تأخذ مسا ًرا أكثر تعر ًجا ،لكن لا
أو نقرأ من قصة أخرى هذا المقطع لتأمل كيف أن يزال يجب أن تتمركز القصة حول مشهد (أو حالة)
السرد يسير جنبًا إلى جنب مع الكتابة البيانية عالية
التصوير مما لا نألفه كثي ًرا في القصص ،وهي كتابة يحدد نغمة الكتاب بأكمله.
تهب المجموعة كل ألقها الأدبي ،وتجعلنا نقف في ماذا عن قصص هذه المجموعة؟
انتظار المشاريع الكتابية الجديدة للكاتبة ،بكثير من الواقع أنها تتقاسمها طريقتان في تركيب الحكاية:
من جهة سوف نجد قص ًصا تنبني على حالة
التأهب للجميل البديع المدهش: شعورية تغرق وسط حالة كتابية شعرية تؤثث
«يرتكب الحماقات باستمرار ثم يطلق فلسفته النص بالصور البلاغية العالية ج ًّدا ،ومن الجهة
أنها حقي الإنساني الوحيد ..سمع تلك الحكمة المقابلة سوف نجد قص ًصا تتغلب على الشعرية
من المذياع .الخطأ سمة الإنسان وأنا إنسان، المفرطة التي كثي ًرا ما تأكل من جسد الحكاية لكي
فلا بأس بما يحدثه سوء التقدير .أحيًانا .مسألة تحول القصص إلى ما يشبه خواطر عالية المستوى.
منطقية بسيطة يبني عليها حياته كاملة ..وبسبب ويعن لي هنا على هامش هذه الملاحظة أن أتصور
ولعه المفرط بتلك الجمل التي تشكل شيئًا شبي ًها فن الخاطرة الذي ما زال يتخبط في مساحاتنا
بالشعارات قرر أن يدرس الأقوال المأثورة ،يقول الكتابية والنقدية الجامعية باحثًا لنفسه عن شرعية
وهو في معرض الدفاع عن فكرته أمام لجنة علمية ما .أتصور إذن هذا الفن لو أن الذي عكف عليه هم
مشرفة على الأبحاث إنها تشكل جز ًءا حيو ًّيا من أناس مثل شكسبير أو المتنبي أو جوته ..كيف كانت
وجداننا ربما مح ِّر ًكا حقيقيًّا للكثير من تصرفاتنا
وردود الأفعال العامة للناس اسمها أي أنها لا هذه الكتابات ستكون.
وعي جمعي ..تلتزم اللجنة بعض الصمت إزاء أغامر هنا وأجيب بأننا سوف نحصل على
حماسها الذي لا يعنيها كثي ًرا فهي في العادة تبحث أقاصيص شعرية مثل هذه التي أهدتنا إياها الكتابة
عن أسرار اللغة ووسائل الفن في إنتاج النصوص
الجميلة .يركب سيارة عامة في عودته إلى المنزل في مجموعتها هذه.
رغم شدة الحر في تموز هذا العام بالتحديد ،لكن وربما يكون أهم ما يحسب للكاتبة هنا هو أن
انشغاله بفرضية الدراسة كان قد أنساه وطأة الثقل دخول اللغة الشعرية لم يبطئ القصص ،ولم يأكل
من وليمة السرد الرشيق الفعال الذي همه الرئيس