Page 78 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 78
العـدد 34 76
أكتوبر ٢٠٢1
الحنوشات؟
الشاب :2تو تشوف ..يجي نهار ويقشعو حتى هوما..
الشاب :1مالا ابقى احلم ْب َها ْك النهار..
الشاب ( :2ينظر إلى ساعته اليدوية) أيا نمشو يا
صاحبي..
الشاب ( :1ينظر إلى ساعته اليدوية هو أي ًضا) :أوه..هزنا
الحديث ونسينا كل شيء..
نهض الشابان وتوجها إلى صاحب المحل للدفع..
أنهى الأكل .غسل يديه ..مسحهما بمنديل ورقي ،ثم دفع
وخرج.
الوقت تجاوز منتصف النهار ..أمام المعتمدية ،كهول
رافعون لافتة كتب عليها :نطالب بالكهرباء والماء الصالح
للشراب ..توقف أمامهم قلي ًل ثم واصل سيره باتجاه
الساحة .دخل مقهى ،وطلب قهوة وزجاجة ماء صغيرة.
إحدى القنوات العربية تب ّث مشاهد من الهجوم على
السفارة الأمريكية .بعض الزبائن يتابعون ذلك بشيء
من الاهتمام .أما الآخرون فمنهمكون في لعب الورق غير
عابئين بأ ّي شيء .راح يدير الملعقة الصغيرة في الفنجان
ُمحاو ًل أن يقتلع من ذاكرته الصفعة القاسية التي تل ّقاها
وهو لا يزال في ضباب النوم ،والكلمات النّابية التي رمته
بها زوجته وهو خارج من البيت ذلي ًل ،مطأطئ الرأس،
بينما طفلاه يبكيان بحرقة توجع حتى الحجر ..ما العمل
الآن بعد أن بلغ السكين العظم؟ هل يحرق نفسه مثلما
يفعل الكثيرون في هذه البلاد التي أصبحت تتعاقب عليها
النكبات والأزمات كما لو أنها أصيبت بلعنة إلهيّة أبد ّية؟
نعم قد يكون ذلك عم ًل حسنًا ،وسري ًعا ،وغير ُمكلف..
يكفي أن َي ْسك َب على جسده قلي ًل من البنزين ،ثم يشعل
عود كبريت ..بعد وقت وجيز يكون كتلة من رماد .وبذلك
ينتهي هذا الشقاء الذي يبدو بلا نهاية ..ربما يبكيه
البعض من أهله .أ ّما زوجته فستتظاهر بالحزن لكن في
س ّرها سوف تلعنه داعية الله أن يحرقه في الآخرة مرة
أخرى .وسوف تقول عندما تسمع بخبر وفاته« :الله
لا ترحم الكلاب!» ..نعم هذا ما ستقوله إذ أنه أصبح
بالنسبة لها أحقر من كلب سائب ..والطفلان؟ آه الطفلان
ما ذنبهما؟ ما ذنبهما؟ بللت عينيه دمعتان ساخنتان..
أخرج من جيبه مندي ًل ورقيًّا ومسحهما ..وفي تلك اللحظة
ربت أحدهم على كتفه .التفت فإذا بصالح ابن ع ّمه ها ًّشا
با ًّشا في وجهه .منذ أسابيع طويلة لم يلتق به .فهو دائم
التنقل بين المدن بشاحنته .ويتر ّدد على العاصمة أكثر