Page 82 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 82
العـدد 34 80
أكتوبر ٢٠٢1
محمد الفخرانى
رومانسي ،أهبل ،عمره على الأقل 350سنة
من الدقيقة التي تريدها أنت ،وتقول إنها كافية يا رومانسي.
لتفعل فيها كل شيء. تقول إنك لا يه ُّمك َك ْم يكون عمرك الذي ُتقابل
فيه حبيبتك ،تقصد حبيبتك التي تعرف أنت أنها
طفلة ُت َح ِّضر لها إفطارها و ُت َس ِّرح لها شعرها كل هي هي ،لا يه ُّم لو قا َب ْل َتها الآن ،أو في الستين
صباح. أو السبعين أو الثمانين ،ولا يه ّم وقتها أن يكون
عمرها 80أو 18أو ،100لا يه ُّم ،ما ُد ْم َت تعرف
لكن ..ما أدراني أنك تريد تلك الدقيقة لتفعل فيها أنها هي هي ،تقول إنك لا يه ُّمك أن تعيش معها سنة
أو بها شيئًا ،ربما تريدها فقط لتعيشها ،فالكثيرون واحدة أو شه ًرا أو أسبو ًعا أو يو ًما أو حتى ساعة،
ساعة واحدة تكفيك ،أو أقل من ساعة ،فقط ما
كما تقول يفعلون أشياء كثيرة ليس من بينها أن يكفي لِ ُت َح ِّضرا م ًعا وجبة عشاء صغيرة ،أو لت ْش َربا
يعيشوا. فنجان قهوة ،وتتكلَّمان في شيء عادي وبسيط،
بكلمات بسيطة ،بدون نظرات عميقة أو خاصة،
يا رومانسي ..هل هذا ما تريده؟ هذا ما تريده.. بدون أسئلة غامضة أو شخصية ،أو َت َص ُّرفات
َصح؟ تريد دقيقة واحدة تعيشها مع حبيبتك التي مفا ِج َئة أو ُم َبا َلغ فيها ،بدون أ ّي محاولة لإثبات
شيء أو َن ْفيِه ،فقط دقائق بسيطة ،بها سلام و ِخ َّفة
تعرف أنت أنها هي هي. ولمسة من طرافة و ُظ ْرف ،تقول إن دقيقة واحدة
وأنت. معها ستكفيك ،لا يه ُّم كم يكون عمركما ،ولا الوقت
الذي تقضيانه م ًعا ،لا يه ّم ،ما ُد ْم َت تعرف أنها
َت ْل ِمس َك القصص العابرة ،التي لا تتجاوز ثوان،
ولا يحدث فيها شيء أو هكذا تبدو ،مثل نظرة على حبيبتك التي هي هي.
رصيف قطار ،أو إلى الجانب الآخر من الشارع ،أو ماذا لو قال لك أحدهم« :وماذا ستفعل بالدقيقة يا
على الجانب نفسه ،أو أربعة عيون تتلا َقى ُمصا َدفة
وتتباطأ ثوان في التبا ُعد وهي تتساءل ،ثم تفكر كل رومانسي يا أهبل؟» ،أتو َّقع أنك تعرف ِب َم َت ُر ُّد..
تقول مث ًل إنك تعرف جي ًدا ما ستفعله بتلك الدقيقة
عينين في العودة لكنهما لا تعودان أب ًدا. التي يستهزئون بها ،ويمكنك حتى أن تسألهم َع َّما
َتعتبر أن العالم يتن َّفس من خلال هذه القصص،
التفاصيل ،تلك الابتسامات التي تعني أن العالم َف َع َله أ ّي منهم ب َس َنة أو َخ ْمس أو َع ْشر سنوات
لا يزال لطي ًفا ،وأن أ َّي أحد يمكنه الحصول على كانت لديه ،تعرف؟ سيكون سؤال َك قو ًّيا و ُم َفا ِجئًا
ابتسامة من أ ّي أحد ،بلا غرض ،بلا مقابل ،لا شيء لهم ،وستلاحظ هذا بسهولة ،لأن أكث َرهم ،إ ْن لم
إلا لطا َفة الابتسامة ،هذه اللطافة البِلا ُمقابل ،الحرة، يكن جميعهم ،سيجدون أنهم لم يفعلوا أ ّي شيء
تجعل القلب يتن َّفس .تقول يا رومانسي إن ابتسامة بسنوات كانت متاحة لهم ،أو على الأقل لم يفعلوا
مثل هذه يمكنهاَ ،ح ْرفيًّا ،أن ُتنقذ أحدهم من الموت، شيئًا بوق ٍت كان متا ًحا لهم وهو أطول بكثير ج ًّدا
أو ..الانتحار.
أنت ُتس ِّميها قصص عا ِبرة ،تقصد عا ِبرة إلى القلب،
قصة مكتملة ،ولا يه ُّم حجمها في الزمان أو المكان،