Page 138 - merit 52
P. 138

‫العـدد ‪52‬‬                             ‫‪136‬‬

                                         ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬

    ‫أسماءها وعناوينها في تقارير‬             ‫كطرب القلب هذا والفؤاد‪ ،‬كان‬            ‫من المهم أن تفهم أنني لم أكن‬
‫اللجنة‪ ،‬والتي تمت إعادة طباعتها‬           ‫طر ًبا لكنه عقلي‪ ،‬فكري‪ ،‬تستشعر‬              ‫متخص ًصا في علوم القرآن‬

        ‫لتتوفر للقراءة والاقتناء‪.‬‬              ‫لذ ًة أخرى جديدة‪ ..‬حتى لو‬         ‫بالتأكيد‪ ،‬لك َّن شيئًا من دراستي‬
                                           ‫تذكر ُت أنني في هذه السن قرأت‬          ‫في كلية دار العلوم‪ ،‬وشيئًا من‬
         ‫***‬                               ‫طه حسين‪ ،‬أو أبا العلاء المعري‪،‬‬          ‫قراءاتي الحرة كان قريبًا مما‬
                                          ‫أو درست شيئًا من فلسفة علماء‬            ‫طرحه الكتاب‪ ،‬لهذا كان الكتاب‬
                    ‫كما اتفقنا‪..‬‬         ‫المسلمين‪ ،‬لم يكن شيء فيما سبق‬
 ‫لن أكتب كتابة تظن أنها لا تشفع‬           ‫لي أن قرأته أو درسته يشبه هذا‬        ‫بالنسبة لي قريبًا مني في فهمه من‬
                                                                               ‫ناحية‪ ،‬لكنه من ناحي ٍة أخرى كان‬
    ‫عندك‪ ،‬وسأكتب كتابا ٍت شتَّى‬              ‫الذي وجدته في كتاب «مفهوم‬          ‫فت ًحا جدي ًدا في المعرفة‪ ،‬كانت تلك‬
‫ومتفرقة عن العلاقة والمحبة أكثر‬                                  ‫النص»‪.‬‬        ‫أول مرة أقرأ فيها شيئًا عن تش ُّكل‬

        ‫مما تكون بحثًا ودراسة‪.‬‬           ‫لفت نظري أكثر أن أسلوب الكاتب‬           ‫النصوص (النصوص عام ًة) في‬
        ‫َحسنًا‪ ،‬عليك إ ًذا أن تتفهم‬        ‫ليس أسلو ًبا أدبيًّا‪ ،‬لا بيان عنده‬     ‫الحياة وفي الواقع‪ ،‬وفي الثقافة‪.‬‬
 ‫انتقالاتي من حال ٍة إلى أخرى‪ ،‬أو‬                                                ‫السؤال هنا‪ :‬هل يمكن قراءة أ ٍي‬
 ‫قفزاتي المفاجئة من موضوع إلى‬            ‫ولا بديع‪ ،‬لا يحب الكلما ِت المنمقة‪،‬‬      ‫من كتب الرجل بعي ًدا عن كتاب‬
                                         ‫ولا ال ُجم َل الموسيقية‪ ،‬كما أنه ليس‬
                          ‫آخر‪.‬‬                                                                 ‫«مفهوم النص»؟‬
     ‫أريد الآن أن أعلّق على جمل ٍة‬                       ‫جا ًّفا ولا ثقي ًل‪..‬‬    ‫نعم يمكن‪ ،‬ولن تكون الخسارة‬
  ‫وردت في رسالتك‪ ،‬إذ تشير إلى‬                    ‫كيف يكون هذا أستا ًذا في‬
   ‫أنك تفهم طه حسين‪ ،‬ولا تفهم‬                                                                           ‫كبيرة‪.‬‬
     ‫الدكتور نصر حامد أبو زيد!‬                                  ‫الجامعة؟‬
    ‫والحق هنا أن كثيرين قارنوا‬             ‫ألم يكن هؤلاء الذين درست على‬                 ‫***‬
‫بينهما‪ ،‬أو على الأقل جمعوا بينهما‬
 ‫في قرا ٍن واحد‪ ،‬كما تقول العرب‪.‬‬            ‫أيديهم في دار العلوم أساتذة؟!‬          ‫لم أترك كتاب «مفهوم النص»‬
  ‫وأذكر أنني فعلت الشيء نفسه‬                 ‫كيف لا يفعل ِفعلهم؟ كيف لا‬             ‫من يدي طيلة يومين كاملين‬
  ‫يو ًما ما‪ ،‬لكنني فعلته بعي ًدا ع َّما‬                                            ‫حتى انتهيت منه‪ ،‬ولأول مرة‬
    ‫فعله غيري‪ ،‬أشرت إليهما م ًعا‬                        ‫يصنع صنيعهم؟‬             ‫في حياتي‪ ،‬وأنا أزعم أنني واحد‬
  ‫في معرض الذين كانت قراءتهم‬              ‫إ َّن المادة التي يتناولها هي نفسها‬   ‫ِمن عشاق القراءة و ِمن مدمنيها‪،‬‬
‫نقط ًة فارق ًة في حياتي‪ ،‬ولم يحدث‬                                                ‫يحدث أن أقرأ الفقر َة أو المقطع‪،‬‬
  ‫أن قارنت بينهما‪ ،‬ولا اعتبرتهما‬              ‫المادة التي يتناولونها‪ ،‬فكيف‬      ‫فأغلِق الكتاب لأتأمله (المقطع) أو‬
    ‫نسي ًجا واح ًدا؛ فالحقيقة أنهما‬         ‫يكون الفارق واس ًعا وكبي ًرا إلى‬    ‫أتأملها (الفقرة) ثم أعود للقراءة‬
  ‫مختلفان تما ًما‪ ،‬ولا وجه للشبه‬
    ‫بينهما إلا في التأثير‪ ،‬وإ ْن كان‬                       ‫هذه الدرجة؟!‬                            ‫مر ًة أخرى!‬
   ‫تأثير طه حسين أكثر انتشا ًرا‪،‬‬              ‫ذهبت أبحث عن كت ٍب أخرى‬            ‫ولم يكن تأملي للفهم فقط‪ ،‬ولكن‬
  ‫رغم أن تأثير نصر حامد أعمق‬                 ‫للرجل‪ ،‬لكنني لم أجد‪ ،‬وكانت‬
                                               ‫أزمته قد اشتعلت‪ ،‬وكان أن‬                     ‫لتذ ُّوق لذ َة ما قرأت‪.‬‬
                        ‫وأخطر‪.‬‬                 ‫خصصت جريدة «الأهرام»‬            ‫لعلك تعرف حالة الطرب تلك التي‬
 ‫ولعل أهم سبب يقف حجر عثرة‬                  ‫مساحة لتناول القضية‪ ،‬ون ْشر‬
                                            ‫تقارير لجنة الترقية‪ ،‬فكنت ِمن‬        ‫تنتابك وأنت تقرأ المتنبي‪ ،‬أو أبا‬
    ‫بينك وبين فهم الدكتور نصر‬             ‫متابعي الصفحة‪ ،‬إلى أن أصدرت‬           ‫نواس‪ ،‬أو أبا تمام‪ ..‬أو حتى تلك‬
 ‫هو مقارنتك إياه بطه حسين‪ ،‬أو‬                 ‫مجلة «القاهرة» عددها ‪125‬‬
                                             ‫أبريل ‪( 1993‬ما أزال محتف ًظا‬         ‫التي تستمع فيها لأم كلثوم أو‬
    ‫إقبالك عليه وأنت مسكون به‪،‬‬              ‫به) وخصص ْت فيه مل ًفا كام ًل‬         ‫فيروز‪ ،‬نعم تلك التي تهز فيها‬
    ‫ُتح ِّدث نفسك به وبشبيهه في‬                                                ‫رأسك وتبتسم وتستشعر في قلبك‬
                                                         ‫وشام ًل للأزمة‪.‬‬
                                         ‫وظللت متاب ًعا حتى اضطر الرجل‬                    ‫وفؤادك ما تستشعر‪.‬‬
                                                                                    ‫لم أكن أتخيل أن للعقل طر ًبا‬
                                             ‫إلى الخروج من مصر‪ ،‬لأتفرغ‬
                                          ‫بعدها لكتبِه ومؤلفاته التي قرأت‬
   133   134   135   136   137   138   139   140   141   142   143