Page 139 - merit 52
P. 139

‫‪137‬‬             ‫تجديد الخطاب‬

‫رفاعة الطهطاوي‬  ‫أمين الخولي‬                          ‫زكي نجيب محمود‬                                ‫ظنك‪..‬‬
                                                                                ‫لك َّن الذي أثق في أنه السبب‬
                   ‫والمعاصرة‪.‬‬           ‫الصغيرة الضيقة‪ ،‬لك َّن خدماته‬           ‫الرئيس هو أنك شاعر كبير‬
     ‫والغرض من هذا هو إيمانه‬              ‫تمتد لتشمل دوائ َر ومجالا ٍت‬       ‫(مبدع حقيقي) أكثر من كونك‬
  ‫كمفكر أن اتجاه الثقافة العربية‬                              ‫أخرى‪.‬‬       ‫مثق ًفا‪ ،‬ومن ثم فإ ِّن إقبالك على طه‬
     ‫للبحث عن َمخرج حضاري‬                                                   ‫حسين وزع َمك فه َمه واستيعابه‬
 ‫لأزماتها القديمة المتجددة‪ ،‬اتجا ٌه‬  ‫نعم‪ ،‬كان تخصص الدكتور نصر‬              ‫هو إقبا ٌل على مؤرخ وناقد أدبي‬
   ‫خطأ يجب تغييره‪ ،‬هو ي ِقر أن‬             ‫حامد أبو زيد هو الدراسات‬         ‫قري ِب الصلة والمزاج من ثقافتك‬
‫الإسلام ركن ضروري وأساسي‬                 ‫الإسلامية‪ ،‬لك َّن إنتاجه الكبير‬  ‫الإبداعية‪ ..‬لكن ما لنصر حامد أبو‬
  ‫في مشروع النهضة‪ ،‬لكنه فقط‬               ‫والضخم تجاوز ‪-‬بعد أزمته‬             ‫زيد والنقد والتأريخ للأدب؟!‬
                                           ‫ومحنته‪ -‬مفهو َم الدراسات‬          ‫هذا هو السؤال الذي لم تسأله‬
            ‫يتساءل أي إسلام؟‬                                                 ‫لنفسك‪ ،‬ولم تلحظه فيما قرأ َته‬
   ‫وأنفق عم َره كله ليؤكد لنا أنه‬      ‫الإسلامية ليتخصص في المجال‬            ‫للدكتور نصر‪ ..‬أنت تبحث عن‬
  ‫ليس إسلا َم الفقهاء‪ ،‬ولا إسلا َم‬     ‫العام الذي ُت َحلق فيه الدراسات‬       ‫رائحة الأدب‪ ،‬وعبير القصائد‪،‬‬
 ‫الأمراء والسلاطين‪ ،‬مؤ ِّك ًدا أكثر‬    ‫الإسلامية‪ ،‬وأه ُّم مساحة في هذا‬        ‫و ِعطر اللغة‪ ،‬والرجل بعي ٌد عن‬
‫أن الإسلام وح َده ‪-‬ك ِدين‪ -‬ليس‬       ‫المجال العام هي مساحة الكتابة في‬           ‫هذا‪ ،‬الله َّم إلا إشارات قليلة‬
   ‫كافيًا للخروج من المأزق‪ ،‬ولا‬      ‫الشأن الإسلامي‪ ،‬لكنها هنا ليست‬         ‫تكشف ‪-‬رغم ِقلتها‪ -‬عن ثقافته‬
‫لصنع حضارة‪ ،‬مؤك ًدا على أهمية‬        ‫الكتابة العادية‪ ،‬إنها الكتابات ذات‬   ‫الأدبية والنقدية العالية والرفيعة‪،‬‬
                                     ‫الأثر الضخم في الأفكار والمفاهيم‬
               ‫فعالية الإنسان‪..‬‬        ‫والمشروعات النهضوية الكبرى‬                   ‫لكن هذا ليس اهتمامه‪.‬‬
‫لكن ثورته الكبرى في هذا الإطار‬         ‫التي اتخذت من الإسلام شعا ًرا‬           ‫ولو أنك سأل َتني عن اهتمامه‬
                                       ‫لها‪ ،‬أو حتى كان الإسلام جز ًءا‬     ‫وتخصصه‪ ،‬وأجبتك أن تخصصه‬
   ‫كانت في محاولاته إنتاج وعي‬          ‫منها‪ ..‬وكتاباته تلك كلها كتابات‬     ‫الدراسات الإسلامية أو القرآنية‪،‬‬
  ‫علمي بالتراث‪ ،‬وأهمية التعامل‬                                                  ‫ما كان ذلك صحي ًحا عندك‪.‬‬
                                          ‫ناقدة تحليلية تعتمد أكثر ما‬          ‫ولو أني أجبتك أن تخصصه‬
    ‫مع القرآن بصفته قرآنا حيًّا‬       ‫تعتمد على علوم الخطاب الحديثة‬       ‫اللسانيات وعلوم تحليل الخطاب‪،‬‬
‫صال ًحا للتفاعل الآني معه‪ ،‬وليس‬                                              ‫ما كان ذلك بالنسبة لك شافيًا‪.‬‬

                                                                                 ‫لهذا سأبسط لك اهتماما ِته‬
                                                                             ‫بالصورة التي أظنك ستتوقف‬
                                                                          ‫عندها‪ ،‬وربما تعود لتبدأ من جدي ٍد‬

                                                                                               ‫في قراءته‪.‬‬

                                                                                        ‫***‬

                                                                          ‫ول ْسنا أمام‬  ‫نحن أمام مفك ٍر كبير‪،‬‬
                                                                             ‫الكتابة‪،‬‬   ‫أستا ٍذ جامعي يمارس‬

                                                                          ‫لهذا فإن المفكر ‪-‬أي مفكر‪ -‬لا‬

                                                                          ‫يكون كذلك إلا إذا خرج من دائرة‬

                                                                          ‫تخصصه الدقيق للدائرة الأوسع‬

                                                                          ‫التي يخدم بها دائر َته الدقيقة‬
   134   135   136   137   138   139   140   141   142   143   144