Page 35 - merit 52
P. 35

‫‪33‬‬                    ‫إبداع ومبدعون‬

                      ‫رؤى نقدية‬

                                                              ‫المتن الأدبي‪ ،‬وتسائل شروط‬

                                                                     ‫إنتاجه في الأنساق‬

                                                              ‫والوضعيات الاجتماعية‬

                                                              ‫المختلفة‪ ،‬باعتماد مقاربات‬

                                                                     ‫مغايرة‪ ،‬ولهذا فقد‬

                                                              ‫كشفت التشابكات التي‬

                                                              ‫تبصم الأدب في علاقاته‬

                                                                     ‫المفترضة مع النسيج‬

                                                                     ‫المجتمعي»(‪.)3‬‬

                                                                     ‫وعلى هذا الأساس‬

                                                                     ‫فإن سوسيولوجيا‬

                                                                     ‫السرد غايتها تفكيك‬

                                                                     ‫«العلائق القائمة بين‬

                                                              ‫الكاتب والنص السردي‬

                                                              ‫والمجتمع» من جهة ثالثة‬

‫إبراهيم إسحق إبراهيم‬  ‫بول ريكور‬                  ‫جورج لوكاتش‬   ‫«وذلك بهدف الوصول‬
                                                              ‫إلى تفهم علمي‪ ،‬للأسباب‬

    ‫الكنداكات‪ ،‬يموت الغزاة تحت أقدامنا‪ .‬وراقبنا‬  ‫المؤدية إلى هذا المنتج الإبداعي‪ ،‬في موضوعه‬
       ‫بأسى صراعات نبلاء (علوة) على السلطة‪،‬‬
                                                 ‫وقيمته وممارسته أي ًضا»(‪ .)4‬ولهذا تصير نتائج‬
  ‫وعندما دكت خيول الترك سنار‪ ،‬دفنا صوارمنا‬
   ‫الهندية جهة (فازوغلي)‪ ،‬وأطلقنا خيولنا الجرد‬   ‫هذا التفهم‪ ،‬مفيدة أي ًضا في قراءة مجموع النسق‬
‫الأدهمية‪ ،‬في الخلاء الواسع‪ ،‬ولم نمتطي صهواتها‬
  ‫مرة أخرى‪ ،‬إلا ونحن نتسلح بسيوف (العشر)‬         ‫العام‪ ،‬الذي ينتج فيه هذا النص السردي أو ذاك‪،‬‬
 ‫في كرري‪ ،‬بعد أن نفد الزاد والذخيرة‪ ..‬وقد كان‬
    ‫البعض منا يفضل تسليم الجنرال غردون إلى‬       ‫ما دام هذا الأخير عاك ًسا بشكل أو بآخر لما يمور‬
                                                                  ‫في رحاب هذا النسق المجتمعي‪.‬‬
                  ‫محكمة الجنايات بد ًل عن قتله‪.‬‬
    ‫ولكنا آثرنا تغشي سوق (السروايل)‪ ،‬نجلس‬        ‫فلا بد من إبراز الأدوار‪ ،‬التي يلعبها المجتمع في‬
 ‫على (البنابر) في راكوبة (ود البصير)‪ ،‬ونرتشف‬
  ‫القهوة ببط ٍء لذيذ‪ ،‬فيما نراقب مؤخرات النساء‪،‬‬  ‫صياغة النصوص الأدبية‪ ،‬في مختلف المجتمعات‪،‬‬
    ‫اللائي يجادلن جزار (الكمونية)‪ ،‬ويغالطنه في‬
     ‫سعر (الشرموط!)‪ .‬لقد ورثن هذه العجيزات‬       ‫وفي عهود متباينة‪ ،‬مما يكشف عن اختلاف‬
    ‫الأنيقات‪ ،‬من ملكات جمال العالم القديم أمثال‬
     ‫«السرة بنت عوج الدرب»‪ ،‬ذلك (الصرماتي)‬       ‫وتنوع الأدبيات من عصر إلى عصر‪ ،‬ومن مجتمع‬
‫الوديع‪ ،‬الذي يقضي قيلولاته جال ًسا تحت شجرة‬
     ‫(النيم) العجوز‪ ،‬قرب كبري الليمون‪ ،‬يراقب‬     ‫إلى آخر‪ .‬ويوحي بوجود ارتباط بين الأدب‬
     ‫وجوه السابلة‪ ،‬كأنه يتأمل فيها أحوال الدنيا‬
    ‫وأورامها! دون أن يأبه لأولئك الأفندية الذين‬  ‫والمجتمع‪ .‬ولهذا نقول الرواية الأمريكية‪ ،‬المصرية‪،‬‬
    ‫يتهامسون قربه‪ ،‬عن تأخر السرة‪ ،‬في التأمين‬
                                                 ‫أو الأوروبية‪ ،‬إلخ‪ .‬بنسبتها للهوية الوطنية التي‬

                                                                     ‫أنتجت فيها‪.‬‬

                                                              ‫‪:٧ -٢‬‬

                                                 ‫لقد عشنا رحلة حياة المجتمعات السودانية ذهنيًّا‬
                                                    ‫في «السودان عبر القرون»(‪ )5‬و»تاريخ الحركة‬
                                                   ‫الوطنية»(‪ )6‬و»ملامح من المجتمع السوداني»(‪)7‬‬
                                                         ‫و»حياتي»(‪ .)8‬وقاتلنا بضراوة في جيوش‬

                                                 ‫(تهراقا) و(بعنخي)‪ ،‬وكنا فرسا ًنا نحرس قصور‬
   30   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40