Page 38 - merit 52
P. 38
والصحراء– ،لقد كانت رياح ثورات الإله أباداماك هو إله محارب بوجه أسد،
التحرر في الإقليم والعالم لا تزال وقتئ ٍذ وكان رمًزا لإله الحرب لدى النوبيين
تلقي «بهبايبها وكتاحتها» على السودان،
عابرة الصحارى والمحيطات والأنهر، القدماء ،في فترة الحضارة المروية.
وكان صوت حركات الحقوق المدنية في وقد وجدت نقوشه وتماثيله في عدة
أميركا يحلق على أجنحة الطيور المهاجرة
تعبر سماء زيمباوي القابعة في صوت أماكن مختلفة من السودان مثل :مروي
بوب مارلي ،ومن أميركا مارتن لوثر والنقعة والمصورات الصفراء والبطانة،
ومجتمعات سيزار السوداء ،إلى أفريقيا
سنغور وآسيا نهرو ،فيتردد الصدى في والتي يبدو أنها أكثر الأماكن التي
البلاد الكبيرة. تمت عبادته فيها ،خصو ًصا النقعة
لم تكن الغابة والصحراء أو ابادماك
مجرد حركتين شعريتين ،بقدر ما مثلتا حيث يوجد معبد أباداماك ،مصوًرا على
أف ًقا نقد ًّيا لواقع شعب وأمة ،تسعى لشق هيئة أسد بثلاثة رؤوس وأربعة أياد،
طريقها وسط تنازعات إقليمية ودولية،
كيما تستنهض مشرو ًعا في التاريخ، وأي ًضا وجد برأس واحد.
خارج المسار الكولونيالي!
ومع ذلك الكولونيالية التي اعتملت في
أتون سنار القديمة ،والتي لكأنما أراد
أتونها في نموذج أم درمان ،جب كل ما الأحزاب و(نطفها) تنمو في رحم نادي الخريجين،
سبقه ،من نشاط إنساني لشعوب البلاد الكبيرة، وتكمل دورات نموها ،لتخرج فتملأ الدنيا
بسلوكها ضجيج طفولة تسعى للنمو في اكتشاف قبل أن تتشكل سنار ذات نفسها بآلاف السنوات!
لكأن هذه الكولونيالية تبلغ مع «المشروع
الحضاري الإسلاموي» منذ ١٩٨٩ذروة أشواقها تيارات العالم وإيديولوجياته وروافدها ،وانعكس
كل ذلك على السرد فيما بعد!
ومناها في العروبة والإسلام!
وفي الواقع الفترة من ١٩١٨إلى ١٩٤٠كانت من
:٧ -٣ الفترات المزدحمة بالنشاط ،والزخم السياسي
والثقافي والفكري ،الذي مهد لاستقلال السودان
شهدت «الغابة والصحراء» صراعات حادة بين في .١٩٥٦وهكذا ،فيما أجريت من «قراءات نقدية»
أعضائها الميالين للأفريقانية كالروائي إبراهيم على الرواية في السودان ،أكثر ما استوقفني هو
إسحق إبراهيم والشاعر النور عثمان أبكر (عربي جيل الستينيات ،نظ ًرا لانشغال سرده بالهموم
ولكن )..وأقرانهم الميالين للعروبة كصلاح أحمد الاجتماعية موضوع هذا الكتاب وبأسئلة الهوية
ابراهيم (نحن عرب العرب) وقد جسدت أشعار الصعبة والحارقة .وقد عبر هذا الانشغال عن
نفسه في أشكال مختلفة منذ الستينيات حتى الآن .ذلك الجيل هذا الصراع الذي ألقى بظلاله على
فقد أفصح هذا الانشغال عن نفسه بصورة
السرد ..إذ يقول محيميد في بندر شاه عندما
منظمة وواضحة ،بنشوء أبادماك في الستينيات،
ترفض العمشاء بنت الناظر الزواج منه« :أنا
على ضوء رؤى بعض الشعراء والسراد والمثقفين عربي حر ،أهلي في سودري يغطوا عين الشمس»،
ففي وعيه كيف تس ِّول لأنثى نفسها أن ترفض كعبد الله شابو والنور عثمان أبكر –والذين
عربيًّا ،فمجرد كونه عربيٍّا يكفي لأن تركع نساء للمفارقة كانوا في الوقت نفسه أعضاء في الغابة