Page 42 - merit 52
P. 42

‫مجال الدراسات الأدبية‪ ،‬هذا النوع من‬               ‫المشهد الثقافي في السودان في‬
      ‫الدراسات‪ ،‬الاهتمام الذي تستحقه‪.‬‬
                                                       ‫تفاصيله ليس مثال ًّيا‪ ،‬فالشيطان‬
  ‫فإذا أضفنا لسفر أستاذنا غالي‪ ،‬السفر‬               ‫يكمن في التفاصيل‪ ،‬إذ تسربت مع‬
     ‫القيم لدكتور مختار عجوبة «القصة‬
                                                      ‫ذلك كثير من النصوص الضعيفة‬
  ‫الحديثة في السودان»‪ ،‬والأسفار القيمة‬
        ‫للأستاذ معاوية البلال «في النقد‬         ‫المخلة والمختلة‪ ،‬والمنتهكة لمعايير‬

  ‫التطبيقي» نجد عدا ذلك المشهد النقدي‬            ‫القراء العامة ولمعايير المتخصصين!‬
       ‫المدون فقي ًرا ج ًّدا مقارنة بالإنتاج‬
       ‫السردي‪ ،‬وإن تناثرت بين زواياه‬            ‫بل –وللمفارقة– هذه الأعمال الكارثية‬

‫دراسات نقدية لا قيمة حقيقية لها! لذلك‬              ‫التي تستسهل الكتابة وجدت ح ًّظا‬
‫في ظني أن نبيل غالي من الأقلام الجديرة‬
‫بالاحتفاء وسط كل هذا الفقر الببلوغرافي‬              ‫وافًرا من الاحتفاء والشهرة‪ ،‬سواء‬
                                                ‫باستغلال سلطة العلاقات الاجتماعية‪،‬‬
 ‫والنقدي التطبيقي والنظري‪ ،‬والضجيج‬
   ‫–مع ذلك– الذي يحاصر مشهد السرد‬                                   ‫أو شبكات‪ ‬الشلليات!!‬
                                ‫والنقد‪.‬‬
     ‫ويمكننا الزعم بكل جرأة أن (النقد)‬                  ‫الأول من (مشروع) السرد والرؤى– ظلت‬
   ‫لا يزال على بعد أميال‪ ،‬من سد ثغرات‬              ‫تلفت انتباهي مواقف إيديولوجية سافرة‪ ،‬بدرت‬
    ‫مشهد نقد السرد في حقوله المختلفة‪،‬‬              ‫سواء من نقاد (حبرتجية) أو سراد (عنقالة) أو‬
       ‫خاصة النسائي والجنوبسوداني‪.‬‬                 ‫محرري منوعات مبتدئين في الصحافة الثقافية‪،‬‬

               ‫إشارات‬                                     ‫ينتمون لأجيال مختلفة‪ ،‬وتتسم كتاباتهم‬
                                                      ‫بالرداءة والتسيب الثقافي‪ ،‬ومعظمهم خريجو‬
           ‫* فصل من مخطوط كتاب لم ينشر‪.‬‬            ‫مدارس الصحافة الصفراء‪ ،‬التي تتصيد فضائح‬
‫‪ -1‬أعمال لوسيان غولدمان ‪laucian Goldman‬‬              ‫الفنانين! لا شك مع هؤلاء يجد السرد عمو ًما‬
 ‫الذي اهتم بالتحليل الاجتماعي للرموز الفنية في‬     ‫والرواية خصو ًصا نفسيهما مضطرين للنضال‬
 ‫الأدب‪ ،‬تعد من الكلاسيكيات الأساسية للمقاربة‬          ‫باستماته في السودان لتكريس تقاليد السرد‬
‫الاجتماعية للأدب‪ ،‬ونفس الأمر ينطبق على أعمال‬      ‫وأعرافه المستلهمة من هذا الواقع الغني‪ ،‬رغم قلة‬

   ‫أمبيرتو إيكو‪ ،‬وكولن ولسن‪ ،‬وجورج لوكاتش‬                               ‫المجهودات النقدية الجادة‪.‬‬
    ‫ورولان بارت وجاك لنهارت وميشال زورفا‬            ‫وهنا تجدر الإشارة لإصدار الأستاذ نبيل غالي‬

        ‫وقبلهم الإيطالي فيكو ومدام دي ستايل‪.‬‬           ‫في العام ‪ ٢٠١٤‬عن الروائي إبراهيم إسحق‬
       ‫فجورج لوكاتش ‪ ١٩٧١ -١٨٨٥‬يعتبر من‬            ‫إبراهيم‪ ،‬دراسة ببليوغرافية تاريخية توفر مادة‬
  ‫المؤسسين الأوائل لسوسيولوجيا الأدب‪ ،‬فبد ًءا‬     ‫متميزة‪ ،‬لأي دارس لأعمال إبراهيم إسحق‪ .‬فمنذ‬
   ‫من كتابه النقدي [نظرية الرواية] الصادر عام‬       ‫الدليل الببليوغرافي المبكر عن القصة السودانية‬
      ‫‪ ١٩٢٠‬حاول لوكاتش أن يقطع مع التدبير‬          ‫‪ ١٩٧٣ -١٩٣٠‬الذي أصدره الأستاذ قاسم نور‬
   ‫الانطباعي للنصوص‪ ،‬وأن يؤسس لقول علمي‬            ‫في عام ‪ ١٩٧٥‬لم يولي الباحثون السودانيون في‬

                          ‫حول الأعمال الأدبية‪.‬‬
    ‫وفي نظريته الروائية هذه‪ ،‬يؤكد لوكاتش مرة‬
  ‫أخرى‪ ،‬ما ذهب إليه الإيطالي فيكو بأن تطورات‬

      ‫الإبداع الأدبي هي ترجمة واقعية لتطورات‬
   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47