Page 44 - merit 52
P. 44

‫العـدد ‪52‬‬   ‫‪42‬‬

                                                      ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬

   ‫اتجاه إبراز العلائق القائمة بين المنتوج الأدبي‬         ‫الأخير يفهم أي ًضا بواسطة الأدب‪ .‬كما يذهب‬
     ‫والمجتمع الذي ينتمي إليه‪ .‬فمرورا بعدد من‬           ‫إلى التأكيد على أن المنجز الأدبي وعلى الرغم من‬

   ‫التحليلات النقدية والمقاربات السوسيولوجية‪،‬‬              ‫ارتباطه الشكلي بالفرد‪ ،‬فهو يعبر عن الحس‬
  ‫كالسوسيولوجيا (الأمبريقية) للأدب والواقعية‬          ‫المشترك الجمعي‪ ،‬وهذه العلاقة القائمة بين الأدب‬

     ‫الاجتماعية والبنيوية التكوينية‪ ،‬حاول (بيير‬          ‫هي الشرط الاجتماعي‪ ،‬وهي التي تمنح العمل‬
   ‫زيما) أن يؤسس سوسيولوجيا جديدة للنص‪،‬‬                                     ‫الأدبي وحدته وحضوره‪.‬‬

      ‫تدرس الأدب كظاهرة مرتبطة بنس ٍق (دال)‬                ‫وبذلك فلوسيان غولدمان يؤكد غير ما مرة‪،‬‬
   ‫فلسفي أو إيديولوجي‪ .‬كما حاول دراستها في‬               ‫على الترابط الوثيق بين النموذج الروائي‪ ،‬الذي‬
    ‫انفصالها كتقنية خالصة‪ ،‬أو تنظير ذي طابع‬           ‫عرفته أوروبا وطبيعة هذا المجتمع في زمن معين‪،‬‬
    ‫سوسيوتاريخي للمصالح الاجتماعية‪ ،‬مان ًحا‬             ‫منتهيًا إلى القول بأن الرواية الجديدة الفرنسية‪،‬‬
‫الشرط السوسيولوجي الأسبقية في فهم وتفسير‬               ‫هي نتيجة تحول اجتماعي‪ ،‬وليست نتيجة تحول‬
                                                       ‫أدبي‪ ،‬يهفو إلى تطوير الأساليب والصيغ الممكنة‬
                                        ‫الأدب‪.‬‬           ‫للأدب‪ .‬وهو ما نظنه هنا حول تيار الهامش في‬
           ‫ويمكن اعتبار أعمال الإيطالي فيكو من‬
     ‫الكلاسيكيات المرجعية والمؤسسة لهذا العلم‪،‬‬                                                ‫السرد‪.‬‬
    ‫ففي كتابه [مبادئ العلم الجديد ‪ ]١٩٧٥‬حاول‬             ‫من رواد سوسيولوجيا الأدب نجد أي ًضا جاك‬
     ‫الباحث‪ ،‬أن يبين العلائق القائمة بين المنتوج‬         ‫لينهارت‪ ،‬الذي تتلمذ على يد لوسيان غولدمان‪،‬‬
   ‫الأدبي والنسق الاجتماعي‪ ،‬الذي ينتج فيه هذا‬          ‫ففي كتابه [قراءة سياسية للرواية] الصادر سنة‬
 ‫الأدب‪ ،‬مؤك ًدا على أن كثي ًرا من الأنواع الأدبية ما‬   ‫‪ ١٩٧٣‬حاول أن يقرأ المشهد المجتمعي من خلال‬
‫كانت لتظهر‪ ،‬لولا السياقات والشروط الاجتماعية‬            ‫نموذج رواية [الغيرة‪ ،‬لآلان روب غريبه]‪ ،‬وذلك‬
      ‫المرتبطة بها‪ ،‬فالملاحم بالنسبة إليه ارتبطت‬      ‫بالتركيز على البنى الإيديولوجية وملامح الطبقات‬
  ‫بالمجتمعات العشائرية‪ ،‬والمسرح ارتبط بمجتمع‬              ‫الاجتماعية والعلاقات الوظيفية التي يطرحها‬
   ‫المدينة الدولة‪ ،‬والرواية ارتبطت بظهور المطبعة‬      ‫[وعي الرواية] ليخلص إلى الإشارة‪ ،‬إلى أن اختفاء‬
                                                        ‫الشخصية المحورية في هذه الرواية‪ ،‬هو تأشير‬
                               ‫وانتشار التعليم‪.‬‬         ‫دال وقوي على هشاشة الفرد‪ ،‬في نمط رأسمالي‬
  ‫‪ -2‬رينيه ويليك وأوستن دارين‪ ،‬نظرية الأدب‪،‬‬
                                                             ‫قائم على الاستهلاك والتدجين والتبضيع‪.‬‬
    ‫ترجمة محيي الدين صبحي‪ ،‬مراجعة‪ :‬حسام‬                   ‫ويعتبر (روبير اسكاربيت) من أهم الباحثين‪،‬‬
   ‫الخطيب‪ ،‬المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب‬        ‫الذين دشنوا الدرس السوسيولوجي الأدبي‪ ،‬فقد‬
                                                       ‫حاول هذا الباحث منذ البدء أن يثير الانتباه‪ ،‬إلى‬
      ‫والعلوم الاجتماعية‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الثالثة‪،‬‬       ‫أهمية المقاربة السوسيولوجية للإنتاجات الأدبية‪،‬‬
                                       ‫ص‪.١١٩‬‬            ‫مؤك ًدا على أن الارتكان إلى هذه المقاربة‪ ،‬يسعف‬
                                                        ‫كثي ًرا في فهم العمل الأدبي وسياقه الاجتماعي‪،‬‬
    ‫‪ -3‬سعيد علوش‪ ،‬معجم المصطلحات الأدبية‬
      ‫المعاصرة‪ ،‬مطبوعات المكتبة الجامعية‪ ،‬الدار‬             ‫فالأدب بالنسبة إليه لا يمكن تفسيره إلا في‬
                                                       ‫شموليته‪ ،‬وذلك بالنظر إلى آليات إنتاجه‪ ،‬فالعمل‬
         ‫البيضاء‪ ،‬الطبعة الأولى‪ ،١٩٨٤ ،‬ص‪.٤٥‬‬
 ‫‪ -4‬جورج لوكاش‪ ،‬دراسات في الواقعية‪ ،‬ترجمة‬                 ‫الأدبي ليس نتا ًجا خال ًصا للكاتب فقط‪ ،‬ولكنه‬
  ‫نايف بلوز‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬             ‫تعبير وترجمة واضحة ومرموزة‪ ،‬للشروط‬
                                                             ‫الاجتماعية التي تؤثر في سيرورة الإبداع‪.‬‬
                                ‫‪ ،١٩٧٢‬ص‪.٤٢‬‬                 ‫من جهة أخرى يمكن اعتبار (بيير زيما) من‬
   ‫‪ -5‬السودان عبر القرون‪ ،‬لمكي الطيب شبيكة‪،‬‬                 ‫الباحثين المتميزين في ميدان سوسيولوجيا‬
                                                           ‫الأدب‪ ،‬وذلك بالنظر إلى اجتهاداته القيمة‪ ،‬في‬
     ‫يسرد فيه تاريخ السودان القديم حتى العام‬
                                        ‫‪.١٩٣٩‬‬

‫‪ -6‬تاريخ الحركة الوطنية‪ ،‬يسرد فيه بروفيسور‬
         ‫محمد عمر بشير تاريخ الحركة الوطنية‬
   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49