Page 47 - merit 52
P. 47
45 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
أبو طالب محمد
(السودان)
من صور التنوع الثقافي
في المسرح السوداني
تدرس هذه الورقة السياق التاريخي للمسرح السوداني من صور تنوعه
الثقافي ،واستصحابها في مسيرته التاريخية لقراءة قضايا الفترات التي
نهض فيها المسرح بخطا ٍب مقاو ٍم داف ًعا به إلى تغيير جذري في خارطة
التحولات الفكرية التي اجتاحت السودان في حقب سالفة ،بد ًءا من
بداياته الباكرة إبان تكوين بذور الوعي الوطني وحتى مشهديته الراهنة
التي تنوعت بالكمي والنوعي ،وأدت بهذا التنوع إلى مشهد مسرحي
سمته الانفتاح ،ولا تزال المشهدية المسرحية على مدى اتساعها تنتابها
العديد من العيوب والنواقص .كما تهدف هذه الورقة إلى توضيح صور
التنوع الثقافي في التجارب السالفة ،وغيابها في الراهن المسرحي الذي
تتجاذبه أطراف عدة ويسهم فيها مؤلفون ومخرجون ودراماتورجيون
وممثلون وفنيون من أجيال مختلفة .تهتم الورقة أي ًضا بجذور التنوع
الثقافي ورفده للمسرح بخطاب حي متفاعل ذي مرونة جعلته مستم ًرا
في طرقه لقضايا التناحرات المتنافرة.
والثقافة ويبدو أن الوضع يتفاقم وينذر بالخطر جذور التنوع الثقافي عُ رف
عندما يتم تسييس الثقافة(.)1
السودان كما ُعرف أهله وسكانه
منذ أن َوردت إلينا المعلومات الأولية عن السودان بعدة مسميات وصفات عبر العصور
في كتابات الإغريق والرومان الذين وصلوا إلى التاريخية المتعاقبة ،انبثقت بعض هذه
مشارف السودان وإلى حدوده الشمالية ،وجدنا المُسميات عن مفاهيم جاء بعضها من
بعض الإشارات إلى عدد من القبائل السودانية، الداخل وجاء البعض الآخر من الخارج،
أمدتنا فترة مملكة مروي بنصيب وافر من تلك وحملت في طياتها سمات إثنية وإقليمية ودينية
المعلومات ،ولقد اتسعت دائرة معارفنا بالقبائل ولغوية أسهمت في تشكيل تراثه الاجتماعي والثقافي
السودانية في فترة الممالك المسيحية ومملكة
وواقعه السياسي .ولقد عكست هذه المفاهيم
الفونج الإسلامية ،وفي الفترات اللاحقة من خلال والمُسميات بعض أشكال التباين الذي وصل إلى حد
كتابات المؤرخين وال ُبلدانيين وال َّرحالة العرب، التضاد Oppositionفي بعض الأحيان؛ الأمر الذي
والرحالة والمبشرين الأوروبيين .ومن بين القبائل أدى إلى خلق إشكاليات اجتماعية وتكوين كيانات
التي َوردت الإشارة إليها في تلك الكتابات المبكرة ثقافية؛ عل ًما بأنه يصعب الفصل بين السياسة
المحس والكنوز والسكوت والعبداللاب والشكرية