Page 52 - merit 52
P. 52

‫العربية الأفريقية‪ ،‬والذي أنتج الثقافة‬                   ‫تجلت صور من التنوع الثقافي‬
‫السودانية(‪ .)24‬تحتل مسرحية (إسماعيل‬
                                                        ‫في المسرح السوداني بنا ًء على‬
     ‫صاحب الربابة) الصدارة في تنوع‬                         ‫تنوع جذور التعددية الثقافية‬
     ‫صورها المتداخلة العناصر العربية‬
                                                              ‫من طقوس وشعائر دينية‬
                          ‫والأفريقية‪.‬‬
    ‫رجوع المسرح السوداني إلى (كتاب‬                          ‫تمثل بدايات الصور الدرامية‪.‬‬
    ‫الطبقات) والاستفادة منه في العديد‬
    ‫من الأعمال المسرحية أسهم في دعم‬                          ‫وعند ذكر أصول المسرح في‬
 ‫مضامين المسرحيات بالمزيد من أشكال‬
                                                           ‫السودان ُيركز على فترة قيام‬
       ‫التنوع الثقافي المتداخل في ُبعديه‬
            ‫الأسطوري والثقافي المحلي‪.‬‬                     ‫السلطنة الزرقاء ودخول العرب‬

    ‫ومن التجارب المعاصرة التي اهتمت‬                        ‫إلى السودان‪ ،‬ومعهم الطرق‬
       ‫بقضايا التنوع مسرحية (حيطة‬
                                                       ‫الصوفية التي تمثل ‪-‬في كثير من‬
‫قصيرة) من تأليف وإخراج ماجدة نصر‬
  ‫الدين‪ ،‬جسدت المسرحية صور التنوع‬                        ‫طقوسها‪ -‬أشكاًل درامية تحمل‬
 ‫الناتجة عن صدام ثقافي ومجتمعي بين‬
                                                                    ‫طابع‪ ‬الدين‪ ‬والتطهر‬
‫مجموعتين عرقيتين هما البقارة والدينكا‬
     ‫ونزاعهما حول الأرض‪ ،‬واستخدم‬                           ‫وهنا مثل مشهور للمسيح “اضطر يسوع تلاميذه‬
    ‫العرض في حواراته لغة المجموعتين‬                        ‫أن يركبوا السفينة وسبقوه إلى النهر حتى يصرف‬
                                                            ‫الجموع‪ ..‬صعد وحده إلى الجبل وعند المساء كان‬
 ‫المتنازعتين المثقلة بالأمثال الشعبية والألغاز‪ ،‬مبرزة‬       ‫هناك وحده‪ ..‬وكانت السفينة في وسط البحر جاء‬
 ‫عبرهما التنافر والتناحر في منطقة أبيي‪ .‬ففي مسار‬
                                                                                    ‫إليهم ماشيًا‪ ..‬إلخ”(‪.)21‬‬
   ‫التنوع الثقافي تجلى الاهتمام في ُمعظم مسرحيات‬             ‫إن صيغة النبي داؤود بربابته السحرية وصيغة‬
     ‫الأطفال التي ارتكزت على الحكايات والأساطير‬            ‫يسوع وكلامه في المهد‪ ،‬وقدرة إسماعيل أن يمشي‬
    ‫الشعبية المأخوذه من التراث مثل‪( :‬ود الحطاب‪،‬‬              ‫في البحر تمتزج تماز ًجا كام ًل بالثقافة المسيحية‬

   ‫فاطمة السمحة‪ ،‬ود البصير) وعرضت على شرف‬                                                 ‫والإسلامية(‪.)22‬‬
    ‫اليوبيل الفضي للمسرح القومي مسرحية (مهر‬                    ‫فإذن اهتمام المسرح السوداني بثقافة متداخلة‬
    ‫حنينة) تأليف الفاتح البدوي وإخراج عبدالحفيظ‬              ‫العناصر نتج عن طبيعة مجتمع الفونج ونسيجه‬
                                                            ‫الاجتماعي المتنوع الثقافات‪ .‬أما بخصوص تداخل‬
  ‫محمد أحمد‪ ،‬فالمسرحية استنطقت الموروث الثقافي‬                ‫قصة إسماعيل صاحب الربابة في بعدها المحلي‬
  ‫لجماعات ثقافية من شمال السودان بد ًءا من اللغه‬             ‫فترجع إلى مولده من مكي الدقلاشي ومن امرأة‬
  ‫العامية المليئة بالاستعارات والأمثال الشعبية‪ .‬وتم‬
‫توظيف فنون الأداء الشعبي (ألعاب الأطفال التي تم‬                 ‫سقرناوية‪ ،‬والسقارنج فرع من فروع قبائل‬
   ‫ربطها بالقصة الخرافية وعلاقتها بحلقات السمر‪،‬‬             ‫النوبة فيهم نوع من الأثر العربي ولكنهم شديدو‬
 ‫إضافة إلى توظيف الرقص الشعبي المصاحب لإيقاع‬               ‫التزنج‪ .‬ورد في ترجمة يوسف فضل إن السقارنج‬
 ‫الطنبور‪ .‬قدم هذا الأسلوب بواسطة مسرح الحكاية‬               ‫قبيلة تسكن في منطقة جبال النوبة ويرجع نسبها‬
 ‫الشعبية‪ .‬فالمسرحية تناقش علاقة الإنسان بالأرض‬
   ‫والتمسك بالحقوق الشرعية من خلال مبدأ الخير‬                 ‫إلى المجموعة الجعلية(‪ .)23‬إن شخصية إسماعيل‬
   ‫المتمثل في الأرض ل َمن يفلحها‪ ،‬وتنبذ مبدأ امتلاكها‬    ‫صاحب الربابة معادلة رمزية ُتعبر عن زواج الثقافة‬
   ‫بالقوة؛ باعتبار أن الأرض باقية‪ .‬الصراع في بنية‬
    ‫المسرحية مرك ًزا بين العمدة ومشائخه ومواطني‬
   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57