Page 49 - merit 52
P. 49

‫‪47‬‬               ‫إبداع ومبدعون‬

                 ‫رؤى نقدية‬

                                                                      ‫مث ًل‪ -‬باختلافاتها بالنسبة‬

                                                                      ‫إلى اللغة والتقاليد والدين‪،‬‬
                                                                      ‫ولكن عاج ًل أو آج ًل‬

                                                                      ‫فإنها ستدخل في بوتقة‬

                                                                      ‫الانصهار الثقافي(‪.)6‬‬

                                                                      ‫تجلت صور من التنوع‬

                                                                      ‫الثقافي في المسرح‬

                                                                      ‫السوداني بنا ًء على تنوع‬
                                                                      ‫جذور التعددية الثقافية‬

                                                                      ‫من طقوس وشعائر دينية‬

                                                                      ‫تمثل بدايات الصور‬

                                                                      ‫الدرامية‪ .‬وعند ذكر أصول‬

                                                                      ‫المسرح في السودان ُيركز‬
                                                                        ‫على فترة قيام السلطنة‬

                                                                      ‫الزرقاء ودخول العرب إلى‬

‫الخاتم عبد الله‬  ‫حاتم محمد علي‬                      ‫عثمان جمال الدين‬  ‫السودان‪ ،‬ومعهم الطرق‬
                                                                      ‫الصوفية التي تمثل ‪-‬في‬
                                                    ‫كثير من طقوسها‪ -‬أشكا ًل درامية تحمل طابع الدين‬
   ‫مثال‪ :‬المشاهد التي كان يقدمها إسماعيل صاحب‬
‫الربابة‪ ،‬المشي في الحوش وإحضار البنات والعرسان‬                        ‫والتطهر‪.‬‬
‫للرقص ضرب الربابة‪ ،‬إلباس العريس الحرير‪ ،‬تعليق‬
                                                    ‫بعد تأسيس دولة الفونج الإسلامية ‪1505‬م‪ ،‬نشأت‬
               ‫الجرس‪ ،‬رقص الفرس وحركاته(‪.)9‬‬
    ‫أبرزت مرحلة العهد السناري تجليات العديد من‬      ‫ظاهرة جديدة في المجتمع السوداني‪ ،‬وهي ظاهرة‬
   ‫صور التنوع الثقافي في المسرح مثل‪ :‬ريش النعام‪،‬‬
  ‫وحكاية سالم السناري‪ ،‬والغول والغريب ليوسف‬         ‫الطرق الصوفية التي انتشرت وما تبعها من قصص‬

      ‫خليل اللتين استلهمتا قضايا التنوع المجتمعي‬    ‫وحكايات عن الأولياء والصالحين‪ ،‬ونسبة لاهتمام‬
       ‫والثقافي في دولة الفونج‪ ،‬وهناك أي ًضا تجربة‬
  ‫د‪.‬يوسف عيدابي في مسرحية حصان البياحة التي‬           ‫الملوك بهذه الظاهرة اهتما ًما بال ًغا فقد انتشرت‬
                                                    ‫وصاحبتها الرهبة والاحترام‪ .‬كذلك فإن المؤثرات‬
                ‫جاءت غنية بصورة التنوع الثقافي‪.‬‬
    ‫كما تجلت أي ًضا من صور التنوع الثقافي تجربة‬     ‫التي كانت تصاحب حلقات العبادة في تلك الفترة‬
 ‫عثمان جمال الدين في مسرحيتيه (سلمان الزغرات‬
   ‫والبوابات) اللتين استنطق فيهما مصادر الموروث‬     ‫(الإيقاع‪ ،‬الملابس‪ ،‬البخور‪ ،‬الاهتزاز‪ ،‬القفز والتشنج)‬

                  ‫الشعبي في فترة العهد السناري‪.‬‬     ‫أعطت تلك الحلقات صبغتها الطقوسية‪ ،‬حيث كان‬

   ‫من صور الأمس الحديث والراهن‬                      ‫الناس يجعلون من الولي شخصية أسطورية‪،‬‬

‫تفرد خطاب المسرح السوداني منذ البدايات الباكرة‬      ‫وينسجون حوله القصص وخوارق الأعمال مثل‪:‬‬
       ‫وحتى اللحظات الحاضرة بخطابيين ثوريين‬
                                                    ‫الطيران‪ ،‬وتحويل الأشياء ومسخها‪ ،‬والتواجد‬
     ‫هما‪( :‬خطاب مناهض للاستعمار‪ ،‬وخطاب ناقد‬
                                                    ‫في مكانين مختلفين في زمن واحد‪ ،‬وإنزال المطر‬

                                                    ‫وإحياء الموتى‪ .‬هذه الفترة تميزت بجو من الدهشة‬

                                                    ‫والسحر أكسبها الخصوبة والتفرد(‪ .)7‬بالإضافة‬

                                                    ‫إلى مشهد تسليك محمد ود عبد الصادق ود بان‬

                                                    ‫النقا الضرير على يد تاج الدين البهاري الذي بنى‬

                                                      ‫عليه خالد المبارك مسرحيته ريش النعام‪ ،‬مبر ًرا‬
                                                    ‫اللمسات الدرامية في عمليتي الاختبار والتسليك(‪،)8‬‬

                                                    ‫فهناك مشاهد عدة تتجلى فيها صور التنوع الثقافي‬
   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53   54