Page 46 - merit 52
P. 46

‫العـدد ‪52‬‬   ‫‪44‬‬

                                                    ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬

  ‫جيل هو رد فعل محتمل على الواقع الاجتماعي‪،‬‬         ‫والذاتية السودانية المتميزة‪ .‬وذلك لمخاطبة مسألة‬
  ‫وهو ما يعضد رأيه بخصوص اجتماعية الأدب‪،‬‬                                          ‫الهوية السودانية‪.‬‬
   ‫وهو ما فاجأتنا به ثورة سبتمبر المجيدة‪ ،‬التي‬
 ‫تمخضت عن نشاط جيل أنتجته شروط محددة‪.‬‬                   ‫‪ -11‬يعتبر مفهوم الجيل من المفاهيم المركزية‬
  ‫لكن اسكاربيت لا يطمئن كثي ًرا لمصطلح الجيل‪،‬‬            ‫داخل مطبخ سوسيولوجيا الأدب‪ ،‬فالجيل لا‬
  ‫ولهذا يستعيض عنه بالجماعة‪ ،‬وذلك بسبب ما‬               ‫يشير فقط إلى التحقيب الزمني‪ ،‬بل يدل أي ًضا‬
 ‫تحيل عليه كلمة الجيل من معنى زمني في مطلق‬           ‫على الملامح الاجتماعية التي تبصم أد ًبا ومجتم ًعا‬
 ‫الأحوال‪ ،‬وأي ًضا لكون الجماعة أكثر المصطلحات‬       ‫بعينه‪ ،‬وبذلك فالجيل الأدبي يتخذ معنى الجماعة‬
                                                      ‫من المبدعين الذين تتوحد أو تتركز انشغالاتهم‬
                 ‫تعبي ًرا عن الدينامية الاجتماعية‪.‬‬    ‫الأدبية والمعرفية حول موقف أو قضية محددة‬
      ‫فخلال القرون الوسطى بأوروبا لم يتوقف‬               ‫(الهامش)‪ .‬الشيء الذي يقودهم نحو تعميق‬
      ‫استبداد العائلات الأرستقراطية عند حدود‬              ‫النقاش حول ذات القضية وإنتاج طروحات‬
 ‫السياسة فقط‪ ،‬بل امتد إلى مستوى الأدب‪ ،‬بحيث‬         ‫متقاربة أو مختلفة بصددها‪ ،‬وهو ما يؤدي ختا ًما‬
‫بدأت الكثير من الأعمال الأدبية تنطق بلسان حال‬         ‫إلى تبلور تيار إبداعي تنتجه الشروط السوسيو‬
    ‫هذه العائلات‪ ،‬وتسوق الصورة الإيجابية عن‬           ‫سياسية حت ًما‪ ،‬وبذلك يصير مفهوم الجيل دا ًّل‬
   ‫هؤلاء المالكين لوسائل الإنتاج والإكراه‪ ،‬وعليه‬        ‫على التحولات والتغيرات‪ ،‬التي يعرفها المشهد‬
 ‫فقد صار أغلب أبطال الأعمال الأدبية‪ ،‬من الملوك‬
                                                                                 ‫المجتمعي في كليته‪.‬‬
                    ‫والفرسان والأمراء والنبلاء‪.‬‬       ‫فالأجيال الأدبية التي لاحت في تاريخ الأدب ما‬
     ‫وف ًقا لهذا الفهم يصير ممكنًا تشريح الواقع‬       ‫هي إلا [ترجمة أدبية] لما كان يجيش به المجتمع‬
      ‫الاجتماعي وتحولاته بالأساس‪ ،‬عبر متابعة‬        ‫المحلي‪ ،‬فالدرس السوسيولوجي الأدبي يلح كثي ًرا‬
‫الأجيال الأدبية في تعاقبها وتناقضها‪ ،‬بحيث يبدو‬         ‫على الربط بين المتغيرات الخارجية والإنتاجات‬
 ‫ظهور جماعة أو جيل أدبي‪ ،‬حركة اجتماعية ذات‬            ‫الأدبية‪ ،‬فقراءة المجتمع في زمن ومكان ما تغدو‬
   ‫مطالب سوسيوسياسية بالضرورة‪ ،‬كما يعبر‬
‫ظهورها هذا عن حركات أخرى موازية تعتمل في‬                                   ‫ممكنة عبر قرائح الأدباء‪.‬‬
  ‫النسيج المجتمعي‪ ،‬وبذلك فسوسيولوجيا الأدب‬                    ‫والسؤال المركزي الذي يطرحه الدرس‬
   ‫تتيح إمكانيات أخرى لقراءة المجتمع في حركته‬            ‫السوسيولوجي في دنيا الأدب وذلك اتصا ًل‬
  ‫وتناقضاته عبر ظاهرة الأجيال الأدبية‪ ،‬التي لا‬         ‫بمفهوم الجيل‪ ،‬يتحدد بالضرورة في الشروط‬
    ‫تعبر فقط عن اتجاهات أدبية صرفة‪ ،‬بل تعبر‬                ‫المنتجة للجيل كجماعة ومواقف‪ ،‬بما تعنيه‬
      ‫أي ًضا عن جانب مهم من الحياة الاجتماعية‪.‬‬         ‫هذه الشروط من آليات إنتاج وإعادة إنتاج‪ ،‬في‬
   ‫وعلى ضوء هذه الخلفية يمكننا الزعم بأن ثمة‬          ‫سياق التبادلات الرمزية والمادية للفعل الثقافي‪،‬‬
 ‫تيار يمثل أدب الهامش السوداني‪ ،‬له خصائصه‬               ‫مع استحضار كل عوامل التأثر والتأثير التي‬
  ‫ومميزاته وأساليبه‪ .‬وهو تيار نتج عن الصراع‬           ‫يفرضها التقاطب والتداخل مع ما هو مجتمعي‪،‬‬
   ‫بين التوجهات السودانوية‪ ،‬من جهة مقابل كل‬           ‫هذا بالإضافة إلى محاولة فهم إمكانيات الانبناء‬

                    ‫التوجهات الأخرى في الأدب‪.‬‬                                      ‫والتعاقب الجيلي‪.‬‬
‫‪ -12‬الأندية المؤسسة لاتحاد أندية القصة العربية‬            ‫فما الذي يعنيه تعاقب الأجيال الأدبية؟ وما‬
‫هي أندية دول‪ :‬السودان‪ ،‬مصر‪ ،‬الجزائر‪ ،‬تونس‪،‬‬             ‫الذي يعنيه انبناء جيل أدبي على أنقاض سابق‬
‫الكويت‪ ،‬البحرين‪ ،‬سوريا‪ ،‬اليمن‪ ،‬تشاد وإريتريا‪.‬‬          ‫منته أو إلى زوال؟ وما الديناميات المتحكمة في‬
‫تم تأسيس الاتحاد بالخرطوم في أغسطس ‪٢٠١٧‬‬              ‫الولادة والانتهاء؟ لقد حاول (روبير اسكاربيت)‬
                                                        ‫في سوسيولوجياه الأدبية‪ ،‬أن يجيب عن هذه‬
             ‫بمبادرة من نادي القصة السوداني‬          ‫الأسئلة من خلال رصده لتعاقب الأجيال الأدبية‬
                                                        ‫في أوروبا‪ ،‬وتبرير ظهورها‪ ،‬مؤك ًدا بأن ميلاد‬
   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51