Page 58 - merit 52
P. 58

‫ويرى أصحاب النقد الثقافي‬                       ‫المضمرات الدلالية هو تعبير‬
  ‫والدراسات الثقافية أن النص عبارة‬                        ‫يحيل على مفهوم الأنساق‬
  ‫عن وسيلة وأداة‪ ،‬لأن المهمة المنوطة‬
                                                     ‫الثقافية التي هي مركز القراءة‬
     ‫بالناقد الثقافي هي الاشتغال على‬                      ‫الثقافية‪ ،‬وهي التي تتصف‬
   ‫النص ليس كونه هد ًفا للقراءة‪ ،‬بل‬                       ‫بقدرتها على الاختزان خلف‬
 ‫باعتباره مدخ ًل أساسيًّا للكشف عن‬
                                                   ‫البناء الجمالي واللغوي للنصوص‬
     ‫المضمرات الثقافية‪ ،‬ويتكشف لنا‬                       ‫الأدبية‪ .‬وهذه ميزة مرتبطة‬
  ‫هذا النص عبر ما تحيل إليه الثقافة‬
  ‫من حيل وألاعيب هدفها تمرير هذه‬                   ‫بقدرة تسلل العناصر الثقافية إلى‬
                                                    ‫داخل الخطاب الأدبي والانصهار‬
                           ‫الأنساق‪.‬‬                           ‫ضمن العناصر الجمالية‪،‬‬
    ‫ويرى محمد الشحات أن «النص»‬                            ‫مما يجعلها صعبة الظهور‬
     ‫في النقد الثقافي عبارة عن وسيلة‬                                 ‫والفهم‪ ‬والتأويل‪.‬‬

      ‫نكتشف بواسطتها حيل الثقافة‬                            ‫ويربط محمد الشحات ظهور النقد الثقافي‬
   ‫وألاعيبها في تمرير أنساقها‪ ،‬وهذه‬                   ‫بالمرحلة التي جاءت في فترة ما بعد الحداثة‪ ،‬وأن‬
‫نقلة نوعية في مهمة أو وظيفة العملية‬
   ‫النقدية‪ ،‬ذلك أن الأنساق هي المراد‬                     ‫وظيفته تنحو «نحو وظيفة التفسير‪ /‬التأويل‬
    ‫الوقوف عليها بالتفسير والتحليل‬                    ‫سعيًّا إلى إلقاء الضوء على ما وراء النصوص؛ أي‬
   ‫والتأويل‪ .‬من هنا يصبح النص في‬                      ‫ما يتوارى خلف الخطاب‪ discourse ‬من أنساق‬
‫ضوء النقد الثقافي ليس معزو ًل بصفة‬
    ‫كليَّة عن علاقات إنتاجه التاريخية‬                     ‫مضمرة وتشكيلات خطابية مسكوت عنها»‪.‬‬
‫ولا عن نسقه التأثري كما اعتادت أن‬                             ‫يربط محمد الشحات ظهور النقد الثقافي‬
‫تقوم بذلك الكثير من المناهج الشكليَّة‬
‫والأسلوبية والبنيوية‪ ‬وغيرها بمضمرات الخطاب‬              ‫بالمرحلة التي أعقبت ما بعد الحداثة؛ بمعنى أن‬
 ‫فعل إنساني تاريخي متأثر بالمجتمع ومؤثر فيه‬               ‫النقد الثقافي قد جاء في مرحلة «بعد» ما بعد‬

                                 ‫بالقدر نفسه‪.‬‬           ‫الحداثة‪ ،‬والملاحظ أن لاحقة (بعد) الأولى تحيل‬
    ‫يتعامل النقد الثقافي كما يرى محمد الشحات‬             ‫على الحركيَّة الزمنية وليس على التغير المعرفي‬
   ‫مع النص باعتباره يتضمن جملة من الأنساق‬             ‫والفكري الذي يتعلق بـ»ما بعد» الثانية‪ .‬فما بعد‬
      ‫التي تحتاج إلى كشفها ثم تأويلها‪ ،‬وذلك في‬           ‫الحداثة ليست هي الفترة الزمنية التي أعقبت‬
     ‫ضوء السياق الثقافي والتاريخي والسياسي‬               ‫مرحلة الحداثة فحسب‪ ،‬بل هي مرحلة تغيرت‬
    ‫الذي أنتجه‪ .‬ويتعامل النقد الثقافي مع مفهوم‬
  ‫النص بعي ًدا عن المنظور الذي كرسته الدراسات‬                 ‫فيها كثير من الأنماط المعرفية والثقافية‪.‬‬
   ‫النقدية منذ القديم‪ ،‬ويرتكز النقاد الثقافيون في‬
‫تحديد ملامح النص ومعالمه على المقولات المركزية‬
 ‫للتاريخانية الجديدة‪ ،‬خاصة مقولتي‪« :‬تنصيص‬

                        ‫التاريخ وأرخنة النص»‪.‬‬
      ‫ويهدف محمد الشحات إلى عدم الإكثار على‬
‫القارئ وإغراقه في الكثرة المفرطة من المصطلحات‬
  ‫والمفاهيم التي قد تتداخل فيما بينها وتستشكل‬
     ‫عليه‪ ،‬لا سيما عندما يتحدث عن العلاقة بين‬
   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63