Page 60 - merit 52
P. 60
العـدد 52 58
أبريل ٢٠٢3
د.ضياء غني العبودي
(العراق)
فضاء السجن في رواية
«لا رياح ولا مطر»
لمحمود يعقوب
تعيش الشخصية في السجن تحت الرقابة من قبل الحراس عند مراقبة
السجن ،أولئك الحراس الذين يعيشون السجن من دون جدران «في
صباح اليوم الثالث ،ص َّر باب السجن ،وهو ينفتح بروية وحذر؛ ليط َّل
منه حارس كبير السن ،أعزل من السلاح .وكان هذا أحد أولئك الذين
يطلق السجناء عليهم اسم (الجحوش) ،وفي واقع الأمر ،كان السجناء
يجدون في هؤلاء أشبه بالسجناء أي ًضا ،لا يختلفون عنهم كثي ًرا ،لأنهم
يمضون أغلب حياتهم يعملون بين جدران السجن ،في سكينة ،من غير
أن يعبأ بهم أحد» .ويكون السجين تحت سطوتهم ،فالسجان يشعر
بالمتعة من خلال إذلال السجناء ،وهو من ناحية أخرى يحاول أن يحقق
ذاته ووجوده في دولة تنظر اليه بنظرة دونية!
يتطلبها الميتاسرد في النص ،فهو المكان المهيمن المكان السجن من
على النص .فجاء النص ليعبر عن مرحلة دقيقة
من التاريخ الإسلامي ،متمثلة بحكم الحجاج بن المعلوم أن موضوعة السجن أخذت
يوسف الثقفي ،وإن لم يصرح به الكاتب إلا أن حي ًزا واس ًعا في إطار المعالجة الأدبية،
أحداث الرواية والمسميات -لا سيما المكان -تدل
لا سيما بعد توسع حالات القهر
على تلك المدة الموغلة في الاعتقالات والتعذيب والاستبداد الذي تعيشه الشعوب في ظل
والحرمان والتحجر في العواطف .فالتاريخ يع ُّد الأنظمة الحاكمة .وإن تباينت الاتجاهات للسلطات
فالقهر يكاد كون واح ًدا منذ بداية نشوء السلطات
واح ًدا من الروافد المهمة للرواية ،وقد استقى
الروائيون منه مادتهم السردية ،التي ترتبط حتى يومنا هذا .من بيان طبيعة الحكم وعلاقة
بالواقع الحالي الذي تعيشه الشعوب ،لا سيما أن الحاكم بالمحكومين ،وتفشي الفساد وغياب
الرواية والتاريخ يلتقيان في مشترك واضح وهو
السرد ،وهذا ما اعتمده الروائي محمود يعقوب العدالة .فلم تخرج الرواية عن المكان الواحد إلا ما
ندر وهو سجن (الديماس)* إلا في مواضع قليلة