Page 62 - merit 52
P. 62
يشبه السجن بقفص لطيور
أليفة والسجان بهر متوحش
ينشب مخالبه في أجساد لينة
ويسوقهم إلى الموت من دون
رحمة أو شفقة .فهذه الأبواب
تجلب معها الموت حين تفتح،
وتؤكد ثنائية الصوت والصمت
الحركة والسكون ،فما إن يسمع
صرير تلك الأبواب حتى تصمت
محمود يعقوب الأفواه عن النطق وتتطلع الأبصار
إلى المصير المحتوم!
السلطات الحاكمة تاريخيًّا ،ولكنها في منه ،بل الأحكام متشابهة ،إذ يلقى السجين في
حقيقتها سلطات تمتد عبر التاريخ. (الديماس) ثم ينسى من دون محاكمة ،فيكون
مصيره الإهمال إلى أن يموت ،في إشارة إلى غياب
الأبواب العدل في الأحكام «لا يلوح في أفق الخلاص
أ ُّي فتيل أمل .العجيب في هذا السجن المترامي
شكلت الأبواب أيقونة واضحة في السجن ،فإذا
تحركت الأبواب والأقفال مدت إليها الأعناق الأطراف ،والمتخم بآلاف البشر أن الجميع
فيه متساوون في القصاص! الش َّحاذون
والإبصار «حينما ُش ِّرعت ب َّوابة السجن ه َّب
واق ًفا في غاية التو ُّتر ،وكل قطرة من دمه يتماثلون مع المجرمين ،والمف ِّكرون الثائرون
تج َّمدت من هول الترقب ،واصطخب قلبه يتساوون مع اللصوص وق َّطاع الطرق،
بالوجيب .ولكنه لم ي َر سوى رج ًل مدمى من ومسالمون من أتباع مذهب ما يتشابهون مع
كل جزء في جسدهُ ،رمي به إلى السجن كما القتلة ..لا فرق في أحكام السجن وسننه!» لذا
ُترمى القمامة .نظر (هلال الدارمي) صوبه ع َّد الخلاص منه أشبه بالمعجزة ،ارتبطت بموت
نظرة مفرطة الخيبة ،وقال ،كما لو كان
الحاكم ،ومجيء حاكم آخر ربما لا يختلف عن
يخاطبه ،في حمق ،وسذاجة ،وأنانية« :لا بارك غيره ،بعد وفاة الامير «اليوم فقط سقطت
الله فيك ،جعلتني أضطرب» .وحالما أوصد باب
السجن دون ذلك السجين ،خ َّر (هلال) جال ًسا أسطورة (الديماس) ،..أخبرهم فيه أن (أمير
في موضعه مثل من تفارقه الحياة» ،ولعل هذه المؤمنين) أصدر أمره بإطلاق سراح جميع
المساحة التي شغلتها الأبواب ،في الحديث توحي نزلاء (الديماس) ،وأن السجن سوف يهدم
بالحيرة والقلق ،إذ إن الأبواب تحمل مع فتحها فور خلوه منهم .قاطعه صوت ،انفجر من بين
أيقونة ذات بعدين ،الأول خلق المعجزة وتحول جمع السجناء مفرق ًعا« :لا أص ِّدق ذلك يا رب
اليأس المميت إلى حياة جديدة عند الخروج منه، الكائنات»» .فهو يصور الظلم والتعسف من