Page 148 - merit 53
P. 148

‫إيزيس‪ ،‬والتي أدركت فجأة «أن‬                    ‫لم تتحرر قصص المجموعة من‬
‫دموعها لم تكف عن صفع خديها منذ‬

‫انطلاق القطار»‪ ،‬كأن استلهام الحكاية‬                 ‫المحافظة على الموروث؛ فقد‬

  ‫الأسطورية لتوضيح المغزى من عملية‬                  ‫تمت صياغة (الرمز) المقتبس من‬
‫الاستدعاء‪ ،‬مع ملاحظة أن هذا الاستلهام‬

‫أشار لنا على آلية (التخييل) التي اتبعتها‬            ‫الموروث الديني بشكل عفوي في‬

‫الكاتبة‪ ،‬وهى في انطلاقها لربط المعطيات‬              ‫قصة‪ :‬الولي‪ ،‬لنكتشف أن الأجواء‬
‫الحياتية المعاصرة بالمعطيات الواردة من‬
                                                    ‫المبهمة التي أحاطت بالحكاية‬
‫الأسطورة الأكثر شهرة في التاريخ‪.‬‬

 ‫بينما اتضح الانصياع للنسق القيمي‬                   ‫هى التي تسربت إلى أعماق الذات‬
‫السائد‪ ،‬وعدم الاقتراب من السيدة‪ :‬أم‬                 ‫الإنسانية ولو ًجا إلى عالم اللاوعي‪،‬‬
 ‫شحاتة حتى بعد انطفاء هالة البركة‬

‫عنها‪ ،‬من خلال الإشارة الضمنية إلى‬                   ‫وكأن الرمز الجمالي يعني حالة‬

   ‫اعتبار الابن امتداد بيولوجي للأب في‬              ‫باطنية من أحوال النفس دالة‬
‫قصة‪ :‬المبروكة‪ ،‬فأم أحمد الطفل الرضيع‬

‫هى «وحدها التي رحلت مغصوبة‬                          ‫على موقف عاطفي كوسيلة أدبية‬

‫مذلولة‪ ،‬طلقها زوجها بعد أن اتهمها في‬                ‫فعالة قائمة على التكثيف والإيحاء‪.‬‬
       ‫موت ابنه‪ ،‬وطردها شر طردة»‪.‬‬

‫أما إذا نظرنا إلى صورة المرأة فريسة‬

‫الهواجس؛ لوجدناها في قصة‪ :‬تلك‬

‫الوردة من خلال عبارات مثل‪« :‬أنت ظننت‬                    ‫للشخصيات النسائية في قصص المجموعة التي‬
            ‫أني أهملتها‪ /‬أنت لم تكن تلحظ يا‬           ‫سجلت تجاربهن الشخصية؛ هذا على افتراض أن‬
                ‫محمد‪ /‬لكنك لم تر ابتسامتي‪/‬‬             ‫(الهوية) وظيفة من وظائف التأويل‪ ،‬أما التجربة‬
               ‫لكنك لم تعرف‪ ،‬ولم تحس بي»‪،‬‬
            ‫صورة المرأة هنا هى التي أسهمت في‬                         ‫فتعد مركز الانطلاق نحو المعنى‪.‬‬
            ‫قدرتنا على ربط المعاني ودورها الهام‬          ‫في ذلك يرى التحليل النفسي أن القصة الأدبية‬
                       ‫في الاستدعاء من الذاكرة‪.‬‬     ‫ترجيع للقصة العائلية‪ ،‬اتضح ذلك من خلال الكتابة‬
                                                          ‫القادرة على تسجيل سجايا المرأة‪ ،‬التي يمكننا‬
        ‫ولأن القصص ذات المعاني الاجتماعية لها‬         ‫اعتبارها البناء الأساسي القادر على تحمل تبعات‬
            ‫وظيفة ثقافية ترصد لنا طريقة تفكير‬       ‫وضعها الاجتماعي دون اصطدام بالآخر أو معاملته‬
            ‫الآخر‪ ،‬تباينت أدوار المرأة الاجتماعية‪،‬‬     ‫كنِد أو خصم؛ فقد اتضحت قيمة المرأة النموذج‬
                 ‫وحملت قصص المجموعة جوهر‬
                                                    ‫–الأرملة‪ -‬وصورتها في قصة‪ :‬الطاحونة‪ ،‬تقول‬
‫القضايا المجتمعية‪ ،‬التي تجلت في‬
‫الطفلة‪« :‬لم أسأل أمي يو ًما عن سبب اصطحابها قصة‪ :‬ضوء أحمر‪ ،‬فالمرأة المحاربة‬
                                                    ‫لي‪ ،‬وأنا الطفلة‪ ،‬فربما كانت تستمد من كفي‬
‫التي تقاوم السرطان «دارت حول‬                        ‫الصغيرة قوة وأم ًنا لا يحسهما سواها‪ ،‬وربما‬

‫نفسها ببطء كراقص تنورة يهيم في‬                      ‫كنت لها ص ًّدا لحكايات أهل القرية وغمزات‬

‫ملكوته‪ ،‬فتساقطت من بين الضوء‬                        ‫نسائها عن تلك الأرملة التي تغادر في الفجر‬

‫الناري صور شتى‪ ،‬لزوجها وهو‬                          ‫بحجة الطحين‪ ،‬و ُترى أين تذهب»‪.‬‬

‫يصارحها بزواجه من صديقته‬

‫ورغبته في أن يفر بشبابه من بين‬                      ‫والمرأة الأسطورة الباحثة عن زوجها في قصة‪:‬‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153