Page 153 - merit 53
P. 153
نون النسوة 1 5 1 فالمشهد الأول لياسين الذي يموت في المحجر بل
يحلق ليلحق بركب الموتى ،ياسين الاسم الذي
الأبطال .فنراه يتحدث في “إيزيس” عن الأمر
الذي دعا البطلة إلى السفر ،والتنقل بالقطار يحمل -في دلالته ووعي المصريين عن الصعيد-
الموت صغي ًرا ومبك ًرا ،فعالمه ينهار بموت عليٍّ وعم
عبر المحافظات .ما الذي يجول بخاطرها ،سبب إبراهيم وموت أبيه قبلهما ،فمن يرعاه ولمن يعيش
استيقاظها ،الأصوات التي تتردد داخل علقها، وقد أصبح وحي ًدا .في تلك القصة تدمر الكاتبة عالم
أفكارها ،الشعور الذي انتابها بحاجتها للذهاب إلى
الحمام ،الخوف من التأرجح بين عربتي القطار، الرجل والصراعات التي يلاقيها يوميًّا من أجل
وعبور الحد الفاصل ،الخوف من العبور ،العودة كسب العيش ،ورغم تدميرها لذلك العالم إلا أنها
للخلف ،خوفها من الرد ،الارتعاشة التي أصابت تأخذنا معها في رحلة لعالم الرجال القاسي من
جسدها ،رعبها من اهتزاز الأرض ،قبضة يد البطل المشقة ،وكيف تزهق الأرواح في لحظة حين يبدأ
والشعور الغريب الذي أصابها ،همسها الموؤود، العمل الصاخب ،فتنهار حياة الصغير ياسين ويفقد
تمالكها لنفسها ،دموعها التي انهمرت ،الاحتمالات كل من واسوه بموتهم ،فيجري للموت لعدم قدرته
المأساوية التي كانت تأكل رأسها ،الشعور الذي
تملكها تجاه الرجل الثلاثيني ،شعورها بأن الحبيب على التحمل ،ويترك أمه الثكلى.
ما زال على قيد الحياة ،تجسد زوجها في صورة
المسافر الذي أفسح لها الطريق وألقى عليها نظرة شخصية الراوي
وداع .وكذلك في “ناجية” ينقل لنا الراوي لهاث أم
سليم وبحثها الجنوني عن أطفالها ،وخوفها من قام الراوي داخل المجموعة
النجاة ،وهي الوحيدة الناجية من القذف ،وحديث بدور الراوي العليم ،فهو
الآخرين لها ،يجب على أم سليم الحذر ،يجب توخيه ينقل لنا تفاصيل العوالم
بشدة ،لا تبحثي هنا يا أم سليم ،توقفي قلي ًل ،عن المخفية ،والأفكار التي
ماذا تبحثين ،شعور الألم الذي يختفي فها هي تدور داخل عقول
تدوس على لو زجاج ولا تشعر ،يقول الراوي/
الرواة“ :تتلفت أم سليم حولها في فزع ،تخطو فوق
الركام ملتاعة ،تجتاز آلا ًما لا تحتمل بينما تدوس
أحد الألواح الزجاجية المختبئة تحت التراب ..تهتف:
أبنائي ..أين أبنائي؟!” .يكمل الراوي /الرواة
الرصد ،إذ تدور عيني أم سليم في محجريهما،
تنحني ،تنبش الأرض كالمجنونة أو من أصابها
مس ،تزيح الملابس ،تبحث عن أبنائها ،وستظل
تبحث عنهم فوحدها الناجية التي تركت لألم الحيرة
والغياب.
في “الولي” ينقل لنا الراوي الحالة التي تدخل
إليها البطلة ،والعدوى التي تنتقل لها من العامة،
وكيف تنجذب لزيارة المقام ،وتحذو حذو الآخرين
من حولها في التقرب إلى الله والدعاء والبكاء على
العتبة الخضراء في محاولة يائسة منها للبحث
عن الحبيب الحاضر الغائب ،والتصاقها بالسياج،
والرجل الغريب الذي يلتفت إلى جمالها الأخاذ
من بين الجموع فيتبين له مع النظر أنه يعرفها،