Page 154 - merit 53
P. 154

‫العـدد ‪53‬‬                     ‫‪152‬‬

‫مايو ‪٢٠٢3‬‬

‫وحين تلتقي الوجوه تنفرج أساريرها وتبتهج‪ ،‬فقد‬
  ‫استجيب لدعائها وحل الأمل مكان الحزن والألم‪.‬‬
    ‫في “قميص أخضر” ينقلنا الراوي مباشرة إلى‬
  ‫عالم المرأة التي تعود إلى شقتها وتحاول أن تفتح‬
  ‫الباب فيرتعش المفتاح بين يديها وهي تحاول أن‬
    ‫تسكنه في مكانه المعتاد‪ ،‬الخوف الذي يعتريها‪،‬‬
   ‫الحزن على التراب الذي يلوث الشقة‪ ،‬خوفها من‬
  ‫الانهيار‪ ،‬الذكريات‪ ،‬القميص المستقر بين الملابس‬
    ‫والذي يحمل رائحة المحب‪ ،‬عرقه وعطره‪ ،‬كيف‬
      ‫احتضنت القميص وضمته إليها‪ ،‬نوبة البكاء‬
 ‫العارمة التي أصابتها‪ ،‬خوفها على القميص من أن‬
    ‫يتلوث بدموعها‪ ،‬ضمه لصدرها في حنو ولهفة‪،‬‬
   ‫شعورها بالمحبوب الراحل‪ ،‬تجسده أمام عينيها‪،‬‬

‫وتفاعلها معه‪ ،‬والتحليق عاليًا‪ ..‬هكذا يفعل في جميع‬
 ‫القصص حتى أنه يتحدث على لسان الحيوانات في‬
‫ضوء أحمر وسرير فارغ‪ ،‬ويعبر عن شعور الكلب‬
  ‫العجوز وفقده لصاحبه وجلوسه بعي ًدا في زاوية‬

                        ‫الحديقة في حالة انتظار‪.‬‬

           ‫العادات والتقاليد‬

  ‫أما عن العادات والتقاليد فالنص يمتلئ بكثير من‬
 ‫المشاهد التي تجسد طبيعة الحياة في البيئة العربية‬
 ‫والمصرية‪ ،‬فنرى القطار وهو يسير في محطاته‪ ،‬في‬
‫أول سطر داخل المجموعة‪ ،‬صوت رتيب يعتاد عليه‬
‫المسافر‪ ،‬ويضطرب من سماعه لأول مرة من يركب‬
‫القطار‪ ،‬والبطلة في قصتنا الأولى لا تخشى الصوت‬

     ‫الصادر عن احتكاك العجلات بالقضيب‪ ،‬يقول‬
‫الراوي‪“ :‬لم يكن لصوت عجلات القطار على قضيبه‬
 ‫ذاك الوقع المعتاد في نفسها”‪ ،‬النوم في المواصلات‪،‬‬
‫وشعور البطلة بالأمان في مكان يعج بالغرباء‪ ،‬يقول‬
‫الراوي‪“ :‬ها قد غلبتها غفوة مفاجئة‪ ،‬كانت تقاومها‬

  ‫طوال ساعات؛ فاستسلمت لها ساندة رأسها على‬
     ‫ملجأ عينيها الوحيد هنا‪ ،‬على النافدة الزجاجية‬
                              ‫المجاورة لمقعدها”‪.‬‬

‫مراقبة الناس من خلف الزجاج –النوافذ أو النافذة‪-‬‬
      ‫من العادات المنتشرة في العالم أجمع‪ ،‬ويحدث‬

   ‫بسببها لقاءات كثيرة بين العابرين‪ ،‬نجد الراوي‬
  ‫يحدث عن مراقبة بطل قصة “إيزيس” للبطلة من‬
   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159