Page 149 - merit 53
P. 149

‫نون النسوة ‪1 4 7‬‬                                                                   ‫براثن بؤسها»‪.‬‬
                                                     ‫وفي قصة‪ :‬مواء حيث‪ :‬كاترين المرأة الهاربة من‬
     ‫ثان ًيا‪ :‬آليات الكتابة الرمزية‬
                                                       ‫براثن زوجها الذي يمارس الجنس مع صديقه‪،‬‬
    ‫على افتراض أن الرمز «وسيلة لتجسيد التجربة‬        ‫وهى تستغيث «مغادرة البيت وكأنها تهرب من‬
  ‫الفنية في صور مكثفة»(‪)1‬؛ فكل كتابة إبداعية فنية‬
                                                        ‫عذاب مقيم‪ ،‬وقد بدا شعرها الأصفر مشع ًثا‬
    ‫رامزة لانتقاء الكاتب لجوهر تجربة ما‪ ،‬أو عدة‬     ‫وأغرقت وجهها دموع حاولت أن تكتم نحيبها‪،‬‬
   ‫تجارب‪ ،‬وإضافة لمساته الخاصة إليها؛ ربما يتم‬
     ‫ذلك من خلال إعادة صياغة متناقضات الحياة‬           ‫بينما ترتدي ملابس منزلية خفيفة وتجري‬
 ‫بصور جديدة ممتزجة بالذات؛ ففي قصة‪ :‬فراشة‬               ‫حافية القدمين»‪ ،‬ارتكزت الكاتبة على تصوير‬
   ‫خضراء تم الارتكاز على عالم النفس الأكمل من‬         ‫الحدث وسعت إلى نقل تأثيراته إلى نفس المتلقي‪.‬‬
    ‫خلال تبادل الشخوص للمدركات‪ ،‬والتعبير عن‬           ‫وقصة‪ :‬ناجية التي تروي لنا حكاية‪ :‬أم سليم‬
‫رؤاهم تجاه العالم الخارجي‪ ،‬ولا شك في أن الكتابة‬      ‫المرأة الأم التي فقدت أولادها في القصف الدموي‬
                                                        ‫«مسكينة أنت يا أم سليم‪ ،‬ستبحثين كثي ًرا‪،‬‬
     ‫الرمزية تفرض علينا قراءة واعية خ َّلقة؛ لأن‬    ‫وحدك ستبحثين‪ ،‬ووحدك ستتألمين‪ ..‬فمن بقي‪،‬‬
  ‫أحوال النفس مركبة بطبيعتها؛ والمرأة في قصص‬          ‫من عاش‪ ،‬وحده سيتألم ووحدك الناجية‪،»..‬‬
  ‫المجموعة أنثى بصرف النظر عن دورها وموقعها‬         ‫الكتابة هنا يمكننا اعتبارها محاولة واعية لتأسيس‬
   ‫الاجتماعي‪ ،‬اتضح ذلك في (الصور الاستيهامية)‬
 ‫التي تشكلت منها المشاهد البصرية لقصة‪ :‬قميص‬                               ‫قيمة إبداعية لمقاومة المرأة‪.‬‬

      ‫أخضر حيث المرأة الحالمة عندما تقع فريسة‬
‫الفقد‪ ،‬إذ إن للأحلام وظيفة (تعويضية) تخفف من‬

  ‫صعوبات الحياة أحيا ًنا‪ ،‬وتراسل الحواس ظاهرة‬
‫ارتبطت أي ًضا بالمدرسة الرمزية القائمة على التعبير‬

                      ‫عن مكنونات النفس‪.‬‬
    ‫ولأن الإبداع الأدبي النابع من انفعالات‬
 ‫كاتبه قابل لأن ُيفسر بعدة أشكال؛ فالنص‬
    ‫الأدبي كالحلم يعبر عن الواقع بأشكال‬

      ‫وهمية وأخرى مموهة‪ ،‬لكن ليس من‬
     ‫الصعب الكشف عن ارتباطها بالحياة‬
  ‫الواقعية‪ ،‬ربما يتضح ذلك في تناقضات‬
 ‫المارة القابلة للتأويلات والنفاذ إلى جوهر‬
     ‫الأشياء من أجل استنباط معانيها‬
  ‫الكامنة؛ فبينما تجلىَّ (الجسد الح ِسي‬

      ‫الخاضع للمراقبة) للفتاة‪ ،‬كتمت‬
  ‫النسوة شهقاتهن وهن يحرصن على‬
 ‫عدم النظر إلى الرجل الخمسيني الذي‬
‫أشهر رجولته في عرض الطريق‪ ،‬وأشاح‬

     ‫الرجال بوجوههم بعي ًدا عن المشهد في‬
                             ‫قصة‪ :‬شارع‪.‬‬

    ‫وإذا افترضنا أن رغبة الإنسان لا تكون إلا‬
  ‫بموضوع مرغوب فيه ووسيط يسهل نفاذ هذه‬

      ‫الرغبة أو يمنعها من تحقيق وهمها؛ فالرغبة‬
   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153   154