Page 164 - merit 53
P. 164
دهشة أصحابه ،حين طلب منه لا يتم التوازن عن طريق الجسد،
أصحابه تفسير ما حدث ،قال: التوازن في يد الروح ،لا دور للجسد
فيه ،نفس الأمر حين نشبهه بلعبة
«وعزة المعبود ما درت حتى شد حبل بين الذات ونفسها ،لكن
رأيت السماء دارت» .هنا نفكر في الأمر هنا من حيث الدلالة أكثر عم ًقا،
حافة أخرى ،حافة امتداد النص
الانتصار في اللعبة يعني تلاشي
في ما قبله ،نفكر في المرجعيات الذات ،فناؤها التام عن نفسها .لكن
التأسيسية ،قبل أبي الغيث راكم
فناء الذات يعني كمالها في الوقت
التصوف تجارب أربعة قرون عينه ،هذا قول أبي الغيث بن جميل
ونصف القرن ،ثمة من يعيد فكرة
أي ًضا" :الوجد هو الكمال ،فإذا كان
ربط دوران الصوفي بالأفلاك الوجد فنا ًء فهو كمال الكمال قط ًعا".
(السماوات)؛ إلى حنين الروح إلى
العالم العلوي ،كونها تعرف أنها اللحظة وشغفها ،مثل هذا التعبير، على قدر تحققهم يقينًا ،ورب عارف
هبطت من هناك ،أول من تشب َق التماع البرق هذا ،قوة الخطف، دار فدارت الأفلاك معه» .الشطر
لتوسيع هذا المعنى الشيخ الرئيس الأول من الشذرة توصيف يتسم
ابن سينا ،قال في عينيته الشهيرة: تجنيح الخيال بضربة واحدة؛ يتم بالدقة ،لا يمكننا القول بالتساوي،
فيها الانتقال من التعبير المراقب، ثمة تمايزات في المشهد ،من جهة
هبطت إليك من المحل الأرفع التعبير الذي نتحدث عنه بالعقل كوننا بش ًرا نتمايز بالضرورة،
ورقا ُء ذا ُت تعزز وتمنع كما في الشطر الأول من الشذرة، ومن جهة طبيعة التجربة نفسها،
إلى التعبير المنفلت من أي رقيب التحقق فيه شيء من إرادة
الورقاء عند أهل العرفان هي في شطرها الثاني .هل للأمر صلة
النفس الكلية ،الروح المنفوخ في بكثافة النص أم بدلالاته؟ بقصره الإنسان ،لكنه مقرون بعناية جذب
الصور بعد كمال تسويتها ،إنها أم بخياله الجامح؟ قصر النص واصطفاء تتعلق بالله ،في هذا
أول موجود أوجده الله عناية منه لاعب أساسي دون شك ،ألم يقل
وامتنا ًنا( )15لكن أبا الغيث يربطه رولان بارت« :ليس في وسع نص الشطر من الشذرة كنا هنا ،أقصد
بمسألة وحدة الوجود ،الكون كله اللذة أن يكون شيئًا آخر سوى أننا ونحن نقرأ الشطر الأول من
بجميع موجوداته حقيقة واحدة،
الله هو تلك الحقيقة ،قال الجنيد: نص قصير»(.)14 الشذرة ،كنا نقف على الأرض
«هو العارف والمعروف»( ،)16وهو لأبي الغيث نص شذري آخر قاله وأعيننا شاخصة إلى السماء.
نفسه قول سهل التستري« :يا في أيام بداياته ،كان يعترض على أما في الشطر الثاني من الشذرة
مسكين! كان ولم تكن ،ويكون فنحن نجد أنفسنا في السماء،
ولا تكون .فلما كنت اليوم صرت قوم قدموا عليه وهم في حال العبارة تساوي لحظة نشوة
تقول« :أنا وأنا»( ،)17ومثله قول سماع ،لكنه ما إن اقترب منهم عارمة ،ليس من تعبير يساوي
الشبلي «أنا أقول وأنا أسمع ،فهل حتى طفر وجده ،دار معهم وسط لذة هذا التلاشي ،استكناه نشوة
في الدارين غيري»( ،)18والمعنى
نفسه في قول ابن الفارض:
فقد ُر ِفعت تاء المخاطب بيننا
وفي رفعها عن فرقة الفرق
ِرفعتي()19
مظاهر الوجود إذن مجرد نقاب
للحقيقة الإلهية ،نقاب الغرض منه
التخييل فحسب ،التخييل إعلان عن