Page 167 - merit 53
P. 167
165 تجديد الخطاب
هو إشارة إلى حق بلا خلق ،وهو المختصة بالمقامات ،إنها حضرة الله في الوجود ،أما الآن فهو قد
«الجمع بين الأحوال كلها ،جمع الكمال المحمدي المتصلة بحضرة فنى عن السوى وصار لا يرى
الكمال الإلهي ،وهذا ما يعنيه أبو سوى الله ،هو إذن لا يرى بعينه،
السير في الحب والذوق .وفي هو يرى بكل جوارحه .المشاهدة
الولايات :جمع الروح في المشاهدة. الغيث بن جميل بقوله «الرابع هنا أعمق مما تعنيه العين ،لقد
لسان حال الشفاعة وهو أكمل»، (أشهد فصار كله عينًا) ،إنه توهج
وفي الحقائق :جمع الروح في محمد صلى الله عليه وسلم هو يتبين ولا يتعين ،وإذا كان العارف
مقام الخفي في المعاينة والسكر، صاحب المقام المحمود ،هو الإنسان في حضرة الأسرار يسمع أسرار
الكامل ،ولأنه لسان الشفاعة فقد الأسماء ،فإن العارف في حضرة
والاتصال .وفي النهاية :جمع الأنوار يرى الصفات .وهذا هو
العين الأحدية ،يعني :تلاشي كل اجتمعت له المحامد كلها .الأمر
ما تحمله الإشارة في عين الأحدية هنا يتجاوز لذة الذات بفنائها في المقصود بوحدة الشهود.
ثالثتها :حضرة سكر ،ومعناها أن
بالحقيقة»( .)27مقام الجمع هو الحضرات السابقة ،الكمال في
أي ًضا من مقامات المماثلة بين الولي سياقه هنا قدرة على الاستيعاب هذه الحضرة تخص أهل الجذب
والنبي ،إذ هو أول مقامات النبي، والتمثل ،بمعنى آخر مماثلة من وهم أهل كمال عرفاني وتمكن تام
نوع ما بين كمال العارف الولي في الولاية ،إنها غيبوبة تخص من
وآخر مقامات الولي. والنبي الرسول .الشفاعة آخر يجذبهم الحق بجاذب منه( ،)23إذن
حين نقول عن العارف الولي (إنه
درجات كمال الولي وأعلاها. هي فناء عميق ج ًّدا .الاصطلام
يسمع من الوجود كله) ،فنحن صفات الولي تتدرج من التأييد إلى في اللغة هو الإبادة التامة،
لم نعد نتحدث عن السماع المقيد،
الإكرام والفناء والجذب والحفظ العارف هنا قد (اصطلم تحت
السماع الذي نجتمع له بطريقة وآخرها الشفاعة. أنوار التجلي) ،التجلى معناه رفع
مخصوصة ،وثمة مسمع أو فرقة حجبة البشرية تما ًما ،أما أنوار
قبل أن أغادر أفق هذه المقاربة عليَّ التجلي التي يتلقاها ،فهي تجمع
من المسمعين ينشدون. العودة إلى تموضع جزء من شذرة حصيلة الحضرتين السابقتين،
حين نقول عن العارف الولي (إنه أجلت الكلام على دلالته .فعلت ذلك أسرار الأسماء وصفاتها ،حال
العارف في هذه الحضرة خارج كل
يسمع من الوجود كله) فنحن قبل ثلاث عشرة فقرة ،والمشار التوصيفات .خارج إمكان اللغة على
نتحدث عن السماع المطلق ،سواء إليه هو قوله «أما العارف فلا التعبير ،خارج استدلال العلم على
كان المسموع قو ًل أو شع ًرا ،نغ ًما المعلوم .إذ هي أنوار تعظيم وهيبة،
أو لحنًا ،حركة أو صوت حركة سماع له قط ًعا ،لأن العارف يسمع
تحدث من حولنا ،وهذا حال خبره من الوجود كله». لذلك فإن شرطها عدم إمكانية
التعبير عنها ،فعلامتها «أن لا
الشيخ أبو الغيث في بداياته مع أتذكر ما يردده بعض المؤرخين يشهد السر ما يتسلط عليه التعبير،
شيخه الأهدل؛ قال عن شيخه: الفقهاء في تراجمهم للشيخ أبي أو يحويه الفهم ،فمن عبر أو فهم
«كان أغلب أوقاته غائب الحس الغيث« ،وكانت وفاة الشيخ على فهو خاطر استدلال ،لا ناظر
عن الناس مملو ًءا بالله تعالى ،لا الحال المرضي عاز ًفا عن السماع
يسمع خطا ًبا إلا ظنه من الله تعالى، منذ مدة»( ،)25إن أبا الغيث هنا إجلال»(.)24
ولا يحس بشيء إلا وقف أد ًبا مع يفسر عزوفه في آخر حياته عن رابعتها :حضرة الكمال ،ومعناها
الله»( .)28وسمع العارف الولي أبو السماع ،فقد صار (يسمع من
حربة امرأة تغني لابنها كي ينام، الوجود كله) .وهذا معناه أن مقامه أن هذه الحضرة تقع في نطاق
في الولاية صار مقام جمع« ،فإنه المقام المحمود ،وهو الذي ترجع
وهي تقول: إذا وصل الولي إلى مقام الجمع إليه عواقب المقامات كلها ،وإليه
ما لذا الذئب المعوي ماله استغرق في محبة الله واشتغل
يعوي يشا ليلى ولا ليلى له قلبه بمشاهدة فعل الله بحيث لا تنظر جميع الأسماء الإلهية
ليلى تولوها رجا ًل غيره يرى في الوجود غيره»( ،)26الجمع
فخر مغشًّيا عليه()29