Page 166 - merit 53
P. 166
العـدد 53 164
مايو ٢٠٢3
الفتوحات المكية الحضرة؛ حضرة إلهية ،والحضور
فيها حضور مع الله ،ولا يحضر
مخطوطة طبقات الحواس مع الله إلا أهل الخصوص من
هذه الحضرة تخص أهل المشاهدة، وثمة خاصية لا مكانية لبقية أوليائه .وهو في تشخيص أحوالهم
وهم أهل كمال عرفاني وتمكن تام حواسه ،ثمة استيلاء لا نهائي وتقسيمها يقدم لنا زبدة تجربته،
في الولاية ،وهذه الحضرة لا تكون تباشره حاسة واحدة .الحاسة
ذاتها تخضع لاستيلاء يسمح لها خاتمة احتدام ارتحل فيه أكثر
إلا حضرة محبة ،إذ هي درجة بخاصية سماع كونية .أما الأسرار من ثمانين عا ًما( ،)22يقول« :أهل
فوق درجة مشاهدة كانت قبلها، التي يسمعها فهي أسرار الأسماء. الحضرة على أربعة أقسام :رجل
فيها كان العارف لا يرى شيئًا إلا ثانيتها :حضرة أنوار ،ومعناها أن خوطب فصار كله أذنا .ورجل
ورأى الله فيه ،لقد كان يرى آثار
أشهد فصار كله عينًا ،ورجل
مصطلم تحت أنوار التجلي ،والرابع
لسان حال الشفاعة وهو أكمل».
ولأن الحضرة هنا حضرة إلهية
فإن الكلام لم يعد على طبقات
السامعين وتدريج أحوالهم،
الكلام هنا يدور في منطقة الكمال،
كل جملة من الجمل المكونة
لهذه الشذرة تشكل حدو ًدا عليا
من حدود النهايات ،محمولاتها
الدلالية سماوات بعيدة ،كل دلالة
لها مضمرات ،وكل مضمر خيال
جامح ،التنافس الناظم لتجاوزها
أكبر من إحاطة التصورات به،
والاشتغال بمحاولة تقريبها لا
يمكن أن يكون شر ًحا ،فقط يمكن
أن يكون اقترا ًبا .والاقتراب هنا
مجرد بحث عن مفاتيح للنص.
الحضرة هنا أربع حضرات:
أولاها :حضرة الأسرار ،ومعناها
أن هذه الحضرة تخص أهل
المكالمة ،وهم أهل كمال عرفاني
وتمكن تام في الولاية .أما الأسرار
التي يسمعونها في تلك المكالمة ،فهي
أكبر من الكلام ،تحيط بها المعرفة
ولا تؤديها الصفة ،ثم إن العارف
في هذه الحالة شخص فارق صفته
الناسوتية ،لقد (خوطب فصار
كله أذ ًنا) ،النسق الوجودي له
صار نس ًقا منف ًّكا عن طبيعته،