Page 165 - merit 53
P. 165

‫‪163‬‬                   ‫تجديد الخطاب‬

‫إن تحركت فبالحق تتحرك‪ ،‬وإن‬                                  ‫في أحوال السامعين‪ ،‬القدرة على‬                       ‫وجود الله‪ ،‬وليس إعلا ًنا عن وجود‬
                                                          ‫التمييز بين الواجدين والمتواجدين‪.‬‬                      ‫قائم بذاته‪ ،‬ذلك ما كان أبو الغيث‬
                      ‫سكنت فبه سكونك‪.‬‬                     ‫كذلك تمييز العائبين‪ ،‬من حضروا‬
                                                           ‫للعيب في السماع بعد أن يخرجوا‬                           ‫نفسه يقصده في كلامه الشهير‬
‫يعود الأمر إلى اعتبار الحركة‬
                                                               ‫منه‪ .‬وهذا كان يحدث كثي ًرا‪.‬‬                       ‫على الخيال «كل خيال نقاب لوجه‬
‫جز ًءا من حركة الوجود‪ ،‬إذ حركة‬                            ‫أبو الغيث ينظر إلى الأمر في هاتين‬
   ‫السامع فلكية‪ ،‬أما سكونه فهو‬                                                                                     ‫الأمر العزيزي‪ ،‬والأمر العزيزي‬
                                                            ‫الشذرتين بشكل أكثر عم ًقا‪ ،‬هل‬
‫يشبه خفاء إحساسنا المباشر‬                                    ‫هما من آخر ما قاله؟ لا أدري‪،‬‬                         ‫نقاب بجلال جمال سبحات وجه‬
                                                          ‫هل للأمر علاقة بالتقدم في السن؟‬
‫بحركة الأفلاك‪ ،‬أعني الإحساس‬                                    ‫ربما‪ .‬يقول في الشذرة الأولى‬                         ‫الله الكريم فر ًضا‪ ،‬لئلا يبرز من‬
                                                                                                                 ‫ذلك الجلال ذرة فلا يبقى أحد من‬
‫الضاج بالحركة‪ ،‬خفاء الإحساس‬                                    ‫«ما يجب على أرباب السماع‬
                                                            ‫عل ًما ورس ًما تصفية النفوس من‬                       ‫الثقلين ولا من سواهما يعرف لله‬
‫المباشر بحركة الوجود لا ينفي‬
                                                             ‫عوارض الاعتراض قط ًعا‪ ،‬فمن‬                                       ‫طاعة ولا عصيا ًنا»‪.‬‬
‫حدوثها‪ ،‬ولا ينفي العلم بها‪ ،‬وهذا‬                             ‫تحرك فقد تحرك بالحق يقينًا‪،‬‬                               ‫في شذرتين أخريين أظنهما‬
                                                          ‫ومن سكن فقد سكن بالحق يقينًا‪.‬‬
‫معنى قوله «فمن تحرك فقد تحرك‬                               ‫‏( َو َما َت َشا ُؤو َن إِ َل َأن َي َشاء الَ ُل)»‪،‬‬   ‫تنتميان لفترة أكثر تقد ًما في العمر‬
                                                          ‫نص الشذرة يتحدث عن خصوص‬                                   ‫والتجربة‪ ،‬سنجده يتحدث عن‬
‫بالحق يقينًا‪ ،‬ومن سكن فقد سكن‬                              ‫الخصوص (أرباب السماع)‪ ،‬إنها‬
‫بالحق يقينًا»‪ .‬ومن هنا سبب‬                                  ‫نخبة تجمع بين المعرفة والخبرة‬                        ‫سماع خصوص الخصوص أي ًضا‬
 ‫«‏ َو َما‬  ‫الآية‪:‬‬    ‫استدعاء‬      ‫حرصه على‬               ‫والتجربة الطويلة‪ ،‬العلم والرسوم‬                        ‫(أرباب السماع)‪( ،‬أهل الحضرة)‪،‬‬
‫التعبير‬     ‫الَ ُل»‪.‬‬  ‫َأن َي َشاء‬  ‫َت َشا ُؤو َن إِ َل‬        ‫(المظاهر والعادات والتقاليد)‪،‬‬
                                                              ‫(تصفية النفوس من عوارض‬                              ‫طب ًعا هناك فرق بين مدلول (أهل‬
‫عن حركة الواجد في السماع‬                                   ‫الاعتراض قط ًعا)‪ ،‬هذا شرط قديم‬                       ‫السماع) ومدلول (أرباب السماع)‪،‬‬
                                                          ‫ذكره الطوسي في اللمع(‪ ،)20‬فكيفما‬
‫بوصفها حركة خافية في السكون‪،‬‬                              ‫كانت استجابتك فهي حالة وجدك‪،‬‬                               ‫أهل السماع هم من يسمعون‬

‫ليس جدي ًدا‪ ،‬إنه تفكير يعود إلى‬                                                                                    ‫بالوقت والحال بلسان الصدق‪،‬‬
‫القرن الثالث الهجري‪ ،‬الجنيد أول‬
                                                                                                                ‫المعنى ينصرف إلى العموم بمختلف‬
‫من قال به‪ ،‬حضر مجلس سماع‬
                                                                                                                    ‫طبقاتهم ودرجاتهم‪ ،‬أما أرباب‬
‫مع أصحابه‪ ،‬تحركوا وداروا بفعل‬
                                                                                                                  ‫السماع فهم أهل الحقائق‪ ،‬هذا لا‬
‫الوجد وبقي هو ساكنًا‪ ،‬سألوه عن‬
‫سر سكونه فقال‪َ « :‬و َت َرى ا ْل ِج َبا َل‬                                                                        ‫ينطوي على كونهم يسمعون الحق‬
    ‫َت ْح َس ُب َها َجا ِم َد ًة َو ِه َي َت ُم ُر َم َر‬
                  ‫ال َس َحا ِب»(‪.)21‬‬                                                                                ‫بالحق فحسب‪ ،‬بل يعني أي ًضا‬
                                                                                                                  ‫حاكميتهم على السماع‪ ،‬تصرفهم‬
‫في الشذرة الأخرى سيبدو شمس‬

‫الشموس‬

‫وكأنه يقدم‬

‫خلاصة‬

‫الخلاصة‪،‬‬

‫هنا يستعمل‬

‫مصطل ًحا أعلى‬
  ‫من (أرباب‬

‫السماع)‪،‬‬

‫يستعمل‬

‫مصطلح (أهل‬

‫الحضرة)‪،‬‬

‫هذا يعني‬
‫انتقا ًل فار ًقا‪،‬‬
   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169   170