Page 268 - merit 53
P. 268

‫خبرات الكاتب في شكل معين‬
                                      ‫تجعله أكثر ميًل وتفضيًل له‪ ،‬فرغم‬
                                      ‫أن محفوظ كاتب قصة بارع لكنه‬
                                    ‫يدرك ذاته أكثر كروائي‪ .‬وأتصور أنني‬
                                    ‫أدرك ذاتي ككاتب قصة قصيرة‪ ،‬لذلك‬
                                     ‫ليس غري ًبا أن تشكل نصف إنتاجي‬
                                     ‫من بين ‪ 15‬كتا ًبا‪ .‬حتى في تجربتي‬

                                        ‫مع الرواية "حارس الفيسبوك"‬
                                      ‫للكبار‪ ،‬و"سوشانا والحذاء الطائر"‬
                                    ‫و"أينشتاين‪ :‬أسرار القطعة ‪ "99‬تغلب‬

                                         ‫عل َّي روح المقاطع القصصية‪.‬‬

                        ‫ألن بو‪.‬‬      ‫كله انتهى‪ ..‬حلت سجادة المصنع‬     ‫سط ًرا من هنا وسط ًرا من‬
 ‫ليس في الأمر حنين إلى الماضي‪،‬‬         ‫بدل السجادة اليدوية‪ ..‬لوحات‬             ‫هناك‪ ،‬ويمضي؟‬
                                      ‫الكمبيوتر بدل فان جوخ‪ ..‬قلَّما‬
      ‫وإنما إقرار بمأزق مزدوج‪،‬‬          ‫نعثر على روايات بمستوى ما‬           ‫الاستهلاك يهدد كل أنواع‬
    ‫أو ًل لم يعد سه ًل أن نضيف‬       ‫كتبه تولستوي ودوستويفسكي‬               ‫الإبداع‪ ..‬نحن نعيش وفرة‬
     ‫إلى إبداعات عظيمة ترسخت‬           ‫وديكنز‪ ..‬أو قصص بروعة ما‬        ‫استهلاك لم تعشها البشرية عبر‬
‫لعشرات السنوات‪ ..‬وثانيًا سطوة‬                                          ‫آلاف السنين‪ ..‬قبل ستة قرون‪،‬‬
  ‫الاستهلاك أفقدت الإبداع قيمه‬      ‫كتبه تشيخوف وموبسان وإدجار‬        ‫قبل أن يخترع جوتنبرج المطبعة‪..‬‬
‫الجمالية والمعيارية‪ ..‬انقلبت الآية‬                                        ‫كان لكل ثقافة كتبها المقدسة‬
  ‫وأصبح عدد من يكتبون القصة‬                                               ‫وبضعة كتب دينية وشعرية‬
   ‫القصيرة ‪-‬أو ما يتوهمون أنه‬                                             ‫وقصصية‪ ..‬كان باستطاعتنا‬
‫قصة قصيرة‪ -‬يفوق عدد قرائها‪.‬‬                                             ‫أن نحصر منتج الثقافة العربية‬
                                                                           ‫أو نختزله في ألف ليلة وليلة‬
      ‫أما عن شيوع الرواية ‪-‬في‬                                              ‫والمعلقات والجاحظ والمتنبي‬
    ‫هذا الظرف‪ -‬فهو مرتبط بآلة‬                                               ‫والمعري‪ ..‬الآن يكتبون على‬
    ‫الاستهلاك والدعاية‪ ،‬ونوعية‬                                        ‫الفيسبوك وتويتر‪ ..‬بل ويعتبرون‬
    ‫الروايات لن تخرج عن ال ِّسير‬                                           ‫تدوينانك مشا ًعا للاستعمال‬
  ‫وإعادة كتابة التاريخ‪ ،‬وقصص‬                                              ‫فيسطون عليها وينالون عنها‬
‫رومانسية مريحة‪ ،‬ومغامرات على‬                                           ‫«اللايكات»‪ .‬بهذا المعنى‪ ،‬الإبداع‬
  ‫طريقة أحمد خالد توفيق (ليس‬
   ‫الأمر قد ًحا في تجربة الرجل)‪،‬‬
   263   264   265   266   267   268   269   270   271   272   273