Page 269 - merit 53
P. 269

‫‪267‬‬         ‫ثقافات وفنون‬

            ‫حوار‬

‫صلاح جاهين‬  ‫مجيب محفوظ‬                                ‫صبري موسى‬            ‫فالرواية كانت أكثر استجابة‬
                                                                           ‫لثقافة الاستهلاك والتسلية‪..‬‬
     ‫في كورسات جامعية‪ ..‬عكس‬                         ‫ستقبلها؟‬           ‫ومعظمها ‪-‬حتى الأعمال المتوجة‬
    ‫ما يحدث في معظم الجامعات‬                                             ‫بجوائز‪ -‬متوسط ومس ٍّل وآمن‬
                                      ‫سأبدأ من نهاية السؤال‪ ،‬جربت‬       ‫لإرضاء ذوق القارئ الملول‪ ..‬لن‬
                       ‫المتقدمة‪.‬‬     ‫لمدة عام تدريس الأدب والنقد في‬   ‫تجد مغامرة حقيقية مع اللغة‪ ،‬ولا‬
   ‫أما ما تضيفه الدراسات العليا‪،‬‬      ‫كلية اللغات والترجمة في جامعة‬      ‫مع التابوهات‪ ..‬ولا البحث عن‬
    ‫فهو لا يتجاوز الإطلاع المنظم‬      ‫بدر‪ ،‬وكانت تجربة رائعة‪ .‬يكفي‬
 ‫على المعرفة‪ ..‬عندما تختار منه ًجا‬                                                             ‫شكل‪.‬‬
  ‫أنت بهذه الطريقة تنظم أفكارك‬           ‫أن أشير إلى أنني قررت على‬           ‫لا يقبل الشعر بكل رهافته‬
                                     ‫الطلاب ملحمة الحرافيش لنجيب‬          ‫وكثافته‪ ،‬أن يكون مسليًا على‬
     ‫وتقوي خبرتك في الاستنتاج‬         ‫محفوظ وشعر أمل دنقل وشعر‬            ‫هذا النحو المبتذل‪ ..‬ولا القصة‬
 ‫والتحليل‪ .‬وهو ما لا يتحقق عبر‬        ‫صلاح جاهين رغم أنه بالعامية‬     ‫القصيرة بكثافتها وغموضها تلبي‬
                                                                          ‫تسلية مباشرة لقارئ كسول‬
    ‫القراءة العشوائية‪ .‬لكن الشق‬           ‫لكنه في نهاية الأمر «شعر»‬
   ‫الغائب عني (وعن كثيرين) أن‬       ‫مصري‪ .‬ويسعدني قط ًعا أن أكرر‬                   ‫يجتر «الكلشيهات»‪.‬‬
  ‫تمنحنا الدراسات العليا الأدوات‬     ‫التجربة‪ .‬وبإمكان المبدعين (وأنا‬        ‫قد أكون متحي ًزا‪ ،‬وقد أكون‬
‫التي تجعلنا «ننتج معرفة»‪ ..‬معظم‬                                         ‫متحف ًظا على أي استجابة مبتذلة‬
  ‫الأكاديميين في مصر مثل حفظة‬           ‫أعتز بصفتي كمبدع أكثر) أن‬          ‫يمارسها بعض المبدعين عبر‬
 ‫القرآن يرددون‪ ..‬لكنهم يعجزون‬       ‫ينقلوا التدريس الجامعي في مصر‬        ‫الرواية‪ ،‬للبقاء في الضوء ونيل‬
 ‫عن التفسير والتأويل‪ ..‬قد يبهرك‬     ‫نقلة عظيمة‪ ..‬لكن إدارة الجامعات‬   ‫جوائز‪ .‬لقناعتي أن أي نص شرفه‬
 ‫أكاديمي باقتباس مقاطع من هنا‬       ‫في مصر تعتمد آليات بيروقراطية‬          ‫الأساسي في جماليته وقيمه‬
    ‫وهناك‪ ،‬لكنه يعجز عن تحليل‬                                          ‫المعرفية‪ ،‬وليس جاذبيته للتسلية‬
   ‫قصيدة أو تقديم إنتاج معرفي‪.‬‬        ‫تعيسة‪ ،‬وربما معادية للإبداع‪..‬‬
                                     ‫ليس هناك تقدير لمفهوم الإبداع‪،‬‬                      ‫والاستهلاك‪.‬‬
          ‫الاستثناءات قليلة ج ًدا‪.‬‬
                                          ‫والدليل أن كبار كتابنا مثل‬     ‫بالرغم من أنك اخترت‬
                                      ‫نجيب محفوظ أو توفيق الحكيم‬           ‫العمل بالصحافة منذ‬
                                       ‫لم يطلب أحد استثمار خبرتهم‬       ‫بداياتك؛ إلا أنك التحقت‬

                                                                              ‫بمعهد النقد الفني‬
                                                                              ‫بأكاديمية الفنون‪،‬‬
                                                                             ‫وتتلمذت على أيدي‬
                                                                         ‫أساتذتها حتى حصلت‬
                                                                       ‫على درجة الدكتوراة‪ ..‬ما‬
                                                                        ‫الذي دفعك لهذا الطريق‬
                                                                             ‫(المعاكس) لعملك؟‬
                                                                             ‫ما الذي أضافته لك‬
                                                                      ‫الدراسات العليا؟ وهل إذا‬
                                                                        ‫جاءتك فرصة للتدريس‬
   264   265   266   267   268   269   270   271   272   273   274