Page 55 - ثقافة قانونية العدد السادس- للنشر الالكتروني
P. 55
الاستحقاقات التشريعية للمرأة المصرية:
إنجازات وتحديات وخارطة الطريق
نحو المستقبل
ثــقافة قــــانونية د وفاء بنيامين بسطا
بقلم:عضو المجلس القومى لحقوق الانسان
فــى ينايــر الماضــي ،شــهدت مصــر جلســة الاســتعراض الــدورى الشــامل الرابعــة ،حيــث تلقــت الدولــة ٣٧٢
توصيـة تتعلـق بحقـوق الإنسـان .ومـع مراجعـة هـذه التوصيـات ،تـم دمـج بعضهـا نظـ ًرا للتشـابه ،ليصـل العدد
النهائـى إلـى ٣٤٣توصيـة ،مـن بينهـا ٤٦توصيـة خصصـت لقضايـا المـرأة ،ممـا يعكـس أهميتهـا المتزايـدة على
الصعيـد الدولـي .خـال جلسـة اعتمـاد التوصيـات فـى يونيـو المقبـل ،سـتحدد الحكومـة موقفهـا النهائـى
منهـا ،مـا سيشـكل علامـة فارقـة فـى مسـيرة تعزيـز حقـوق المـرأة فـى مصـر.
التمييز فى القوانين :عائق أمام المساواة الدكتورة وفاء بنيامين :
لا تزال بعض القوانين تك ّرس التمييز ضد المرأة ،سواء فى قانون العقوبات قضايا المرأة :بين الواقع والتشريعات
أو الأحوال الشخصية .كما أن الدستور ينص على إنشاء مفوضية لمكافحة العنف ضد المرأة :تشريعات غائبة وآمال معلقة
تعد مشكلة العنف ضد المرأة من أخطر التحديات التى تواجه المجتمع
التمييز ،إلا أن هذه الخطوة لم ُتن َّفذ بعد. المصري .وف ًقا للمسح الصحى للأسرة المصرية لعام ،٢٠٢١فإن ٪٣١من
إن مراجعة القوانين لضمان توافقها مع المعايير الدولية أصبح ضرورة النساء المتزوجات ( ٤٩-١٥سنة) تعرضن للعنف من قبل الـزوج ،بواقع
ملحة ،إلى جانب الإسراع فى إنشاء مفوضية مستقلة تعنى بمكافحة التمييز، ٪٢٦للعنف الجسدي ،و ٪٦للعنف الجنسي ،و ٪٢٢للعنف النفسي ،وهو ما
يعادل ٨.٧مليون سيدة .ورغم هذه الأرقام المقلقة ،لا يزال القانون المصرى
وترسيخ مبدأ المساواة بين الجنسين. يفتقر إلى تشريع موحد لمكافحة العنف ضد المرأة ،كما لا ُيج ِّرم الاغتصاب
الإصلاحات الاقتصادية :دعم المرأة فى سوق العمل
رغم أن ٪١٧من الأسر المصرية ترأسها امرأة ،إلا أن مشاركة النساء فى الزوجى بشكل صريح.
سوق العمل لا تتجاوز .٪١٧ويعود ذلك إلى عدة عوامل ،من بينها غياب فى ضوء هذه التحديات ،تتزايد المطالبات بإصدار قانون شامل يج ِّرم
سياسات داعمة لريادة الأعمال النسائية ،وعدم إنفاذ القوانين التى تحمى جميع أشكال العنف ضد المرأة ،ويوفر الحماية القانونية والدعم النفسى
والاجتماعى للضحايا .إضافةً إلى ذلك ،ينبغى على الحكومة النظر فى
المرأة فى بيئة العمل. تشديد العقوبات على المعتدين ،وإنشاء آليات فاعلة لضمان تنفيذها ،بما
لذلك ،يجب تقديم حوافز ضريبية للمشروعات التى تديرها النساء،
وتعزيز القوانين التى تحمى المرأة من التحرش والتمييز الوظيفي ،إضافةً يشمل أوامر التقييد والملاجئ الآمنة.
ختان الإناث وزواج الأطفال :ممارسات تحتاج إلى تشريعات أكثر صرامة
إلى توفير بيئة عمل آمنة تضمن فر ًصا متكافئة. على الرغم من التراجع الطفيف فى معدلات ختان الإناث ،حيث انخفضت
خارطة الطريق نحو تمكين المرأة تشريع ًيا النسبة إلى ٪٨٦مقارنة بـ ٪٩٢عام ،٢٠١٤إلا أن هذه الظاهرة لا تزال
قائمة ،إذ يتم تنفيذ ٪٧٤من هذه العمليات على يد أطباء ،ما يعكس تحد ًيا
تحقيق تقدم ملموس فى أوضاع المرأة المصرية يتطلب تعزيز التعاون بين
الجهات الحكومية والمجتمع المدنى لضمان تطبيق القوانين المتعلقة بحقوق مزدو ًجا يتمثل فى استمرار الظاهرة واستغلالها طب ًيا.
المرأة بفعالية .كما يجب تفعيل حماية المبلغين عن الجرائم ،وضمان سرية أما زواج الأطفال ،فهو لا يزال يمثل خط ًرا داه ًما على الفتيات ،خاص ًة
البيانات لمنع التعرض للانتقام .غير أن أى تشريع لن يحقق أث ًرا دون تغيير فى المناطق الريفية .ورغم تجريم توثيق الزواج لمن هم دون ١٨عا ًما ،إلا أن
فى الوعى المجتمعي ،وهو ما يستلزم إدماج التثقيف الصحى والجنسى
فى المناهج الدراسية ،إلى جانب إطلاق حملات توعية بالتعاون مع الأزهر الثغرات القانونية تسمح بإتمام الزواج خارج الإطار الرسمي.
لذلك ،تبرز الحاجة إلى تجريم زواج الأطفال بشكل كامل ،وليس فقط
والكنيسة حول مخاطر زواج الأطفال والعنف ضد المرأة. توثيقه ،مع فرض عقوبات رادعة .كما يجب العمل على تشديد العقوبات على
لا بد من إجراء دراسات دورية حول التكلفة الاقتصادية للعنف ضد المرأة، ممارسة ختان الإناث ،وضمان عدم تهاون المؤسسات الطبية فى محاسبة
وقياس مدى تطبيق التوصيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة ،لضمان تحقيق
تقدم ملموس .كما أن توفير مراكز إيواء آمنة للنساء المعنفات ،وإطلاق المتورطين.
برامج تدريبية تستهدف النساء فى المجالات التكنولوجية وريادة الأعمال، التعليم :مفتاح التمكين الحقيقى للفتيات
التعليم يمثل الركيزة الأساسية لتمكين المرأة ،لكن لا تزال التحديات قائمة،
سيعزز استقلاليتهن المالية. حيث إن ٩ملايين فتاة لم يحصلن على أى تعليم ،رغم التحسن النسبى فى
ولا يمكن الحديث عن تمكين المرأة دون توفير خدمات صحية متكاملة،
وهو ما يستلزم دمج الصحة الإنجابية والجنسية ضمن التأمين الصحى معدلات التحاق الفتيات بالمدارس.
ينبغى أن تتجه التشريعات نحو جعل التعليم إلزام ًيا حتى سن ١٨عا ًما،
الشامل ،وتعزيز الخدمات الوقائية والعلاجية لتنظيم الأسرة. وفرض عقوبات على الأسر التى تمنع بناتها من الدراسة .كما يجب دمج
ختا ًما ،فإن تحسين أوضاع المرأة المصرية يتطلب إصلاحات قانونية شاملة التثقيف الصحى والجنسى فى المناهج الدراسية ،لمواجهة العادات الضارة
تعكس التزامات الدولة الدولية ،وتضمن مستقب ًل أكثر عدال ًة ومساوا ًة.
إن النهوض بحقوق المرأة ليس فقط واج ًبا قانون ًيا ،بل هو حجر الأساس التى تعيق الفتيات عن استكمال تعليمهن.
لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة للمجتمع بأسره.
55