Page 119 - Pp
P. 119
كان لونها يتطابق مع خضرة الأوراق بشكل كامل ،تنظر إلى
الشرانق المتدلية بخيوط لا تكاد تراها من الغصن ،أحيا ًنا إذا
وجدت فراشة قد أخرجت رأسها من الفتحة الحريرية يأخذها
الحماس فتبدأ بالضغط الخفيف على محيط الشرنقة حتى ُتخرج
الفراشة رأسها أكثر ،تفعل ذلك بشكل مد َّرب لو فعله غيرها
لقضى على الشرنقة ،أحيا ًنا إذا وجدت فراشة كاملة تح َّررت من
شرنقتها خلال النهار وهي بعيدة عنها تأخذها برقة من أسفل
ظهرها لئلا تؤذيها ،فتضرب تلك الفراشة بجناحيها مرتين أو
ثلا ًثا ثم توقفهما متلاصقين ،وتقوم إلى نافذة غرفتها تفتحها
فتأخذ الفراشة تتفحص محيطها بعد أن أصبحت في الخارج
بقرونها الاستشعارية ،كأنها لا تصدق حظها الحسن وتطير
مرفرفة بجناحيها ،كأن عبير الحديقة التي دخلت فيها والأزهار
من كل نوع وابتسامة الربيع في مدينة بون جعل الفراشة تتوجه
وحدها إلى الدنيا دون وجل.
وقف مصطفى يتح َّدث معها عند باب الصيدلية ،جلب لها
واحدة من الزجاجتين الخاصتين بها ،وقد برد العصير فيها،
من جانبه ق َّدر أنها بحاجة إليه بعد أن انتصف النهار ،أثناء ذلك
دعته مارتينا إلى منزلها ليرى بعينيه الدود والشرانق وكل ما
يحويه صندوقها الزجاجي ،ولم تجد لديه مان ًعا ،فطلبت منه أن
يح ِّدد لها الوقت فقال لها في أقرب فرصة ،اليوم إذا شئت .اتفقا
على الذهاب م ًعا بعد الانتهاء من الدوام .عندما ذهب مصطفى
نظرت إلى ملامح زميلتها في العمل ،كانت قد اختلجت من دون أن
تتحكم فيها وقالت غاضبة :إذا كان يسرك الحديث مع مثل هذا
119