Page 164 - Pp
P. 164

‫العـدد ‪35‬‬                                                                             ‫‪162‬‬

                             ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬                                                                    ‫د‪.‬فوزي الشامي‬

  ‫النوع من الفن‪ ،‬وفضل أن‬        ‫شعره الفضي الكثيف‬            ‫في أعمال جمال عبد الرحيم ذات الصياغات الأوروبية‬
    ‫يوجهه إلى التعليم العام‬                                       ‫الألحان الشعبية المصرية‪..‬‬
                             ‫الخالط بين الأبيض والأسود‬
  ‫في كل المراحل حتى التحق‬         ‫الأملس الناعم المتناسق‪،‬‬
 ‫بقسم التاريخ بكلية الأداب‬
‫جامعة القاهرة‪ ،‬بعد حصوله‬      ‫ووجهه القمحي اللون المائل‬
   ‫على التوجيهية في مدرسة‬       ‫إلى البياض‪ ،‬الهاديء رغم‬
 ‫الخديوي إسماعيل الثانوية‪،‬‬
                              ‫ملامحه الحادة‪ ،‬الذي يحمل‬
      ‫أعرق وأشهر مدارس‬            ‫نظارة سميكة دليل على‬
      ‫القاهرة‪ .‬وفي الجامعة‬
    ‫بدأ يتعرف عن قرب على‬      ‫ضعف النظر‪ ،‬الذي يبدو أنه‬
 ‫الموسيقى الغربية من خلال‬    ‫نتيجة كثرة القراءة والاطلاع‪،‬‬
 ‫أنشطة جمعية الجرامافون‪،‬‬
    ‫التي كان يرأسها الكاتب‬      ‫وجسده الضئيل وحركته‬
      ‫لويس عوض‪ ،‬وكذلك‬              ‫المتأنية المتزنة‪ ،‬وملبسه‬
     ‫حضور حفلات جمعية‬
‫هواة الموسيقى التي أسسها‬         ‫الرسمي الأنيق المتجانس‬
      ‫وترأسها عالم الطبيعة‬        ‫الألوان‪ ،‬وحديثة الراقي‬
‫والذرة الدكتور على مصطفى‬       ‫المتحفظ‪ ،‬وإيماءاته الوقورة‬
 ‫مشرفة‪ ،‬وهي الجمعية التي‬        ‫عند التحية‪ ،‬كل هذا يوحي‬
   ‫وفرت لجمال عبد الرحيم‬       ‫بأنه من أسرة أرستقراطية‬
    ‫منحة لدراسة الموسيقى‬      ‫دون شك‪ ،‬ويؤكد ذلك إذا ما‬
    ‫الغربية في مصر على يد‬      ‫استمعت لمؤلفاته الموسيقية‬
 ‫هانز هيكمان‪ ،‬أستاذ العلوم‬      ‫للمرة الأولى‪ ،‬فأنت تشعر‬
  ‫الموسيقية‪ ،‬ودراسة البيانو‬       ‫وكأنك في حضرة ندوة‬
‫في المعاهد الخاصة بالقاهرة‪،‬‬      ‫لشعراء الفصحى‪ .‬أو كما‬
‫معهدي شولتس وتيجرمان‪.‬‬           ‫يقول يحيى حقي عن هذه‬
   ‫تخرج في كلية الآداب عام‬      ‫الأجواء‪ :‬مجتمع طواويس‬
     ‫‪ ،1945‬وأعطى درو ًسا‬        ‫الثقافة والذوق والكياسة‪.‬‬
                                ‫هو من مواليد حي السيدة‬
        ‫خصوصية في اللغة‬        ‫زينب ‪ ،1924‬أعرق الأحياء‬
‫الإنجليزية‪ ،‬حيث كان مسؤ ًل‬    ‫الشعبية الأصيلة في القاهرة‪،‬‬
                                 ‫من أسرة مصرية تنحدر‬
 ‫عن أسرته بعد وفاة والده‪،‬‬       ‫من أصول عربية‪ -‬تركية‪.‬‬
 ‫ثم عمل بمكتبة كلية الفنون‬    ‫عاش طفولته في بيئة شعبية‬
 ‫الجميلة‪ ،‬ومن هنا تمكن من‬       ‫مشبعة بالموسيقى العربية‬
 ‫الحصول على بعثة دراسية‬           ‫الأصيلة‪ ،‬فوالده الموظف‬
‫عام ‪ 1950‬إلى ألمانيا‪ ،‬فدرس‬   ‫بمصلحة الأملاك‪ ،‬كان هاو ًيا‬
                                ‫للموسيقى العربية وعاز ًفا‬
       ‫هناك علوم الموسيقى‬    ‫على العود والفيولينة والناي‪،‬‬
    ‫بجامعة هايدلبرج‪ ،‬ثم فى‬      ‫وخبي ًرا في علوم الموسيقى‬
‫المدرسة العليا للموسيقى في‬       ‫العربية وأصولها‪ ،‬ورغم‬
   ‫فرايبورج‪ ،‬وتتلمذ على يد‬       ‫هذا فلم يشجع الأب ابنه‬
                               ‫على الاتجاه إلى دراسة هذا‬
   159   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169