Page 23 - Pp
P. 23
21 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
محمد بوحوش
(تونس)
الأصلي والمستحدث..
في قصائد التانكا للشاعر
محمد حلمي الريشة
مجموعة الشاعر محمد حلمي الريشة الموسومة بـ»تانكا عربي» إنما هي
مشروع واع وحداثي ،اجتهد صاحبه في اختصار المعنى وفي الإيجاز
وتقديم كبسولات شعرية عميقة متطر ًقا إلى عديد الأفكار والمواضيع
بأسلوب شعري مركز يستدعي التأمل وإعادة القراءة ،فيبهر ويجلب
المتقبل إلى أعماق ومدارج وطبقات المعاني الظاهرة والخفية .ولقد
استطاع الشاعر أن يحافظ على ما هو أصيل في التانكا من حيث الجوهر،
فكانت نصوصه مصممة على الموضوعية والتحول.
وستين ،وهذا الترقيم هو من قبيل التعديل شك ًل «مطر خلل شعاع شمس» هو ديوان شعري
في قصيدة التانكا اليابانية ،وهو من قبيل التجديد
حيث تضمنت النصوص علامات ترقيم كالوقف تانكوي ،أي من جنس قصيدة التانكا ذات الأصول
والتعجب والاستفهام والأعداد والنقاط والفواصل اليابانية ،والتي سنأتي على التعريف بها لاح ًقا
والإشارات المائلة والشرطة والأقواس والنقطتان
والفواصل المنقوطة وعلامات التنصيص وغير ذلك، شك ًل ومضمو ًنا .الديوان صدر سنة 2020عن
فيما الأصل أن لا وجود في التانكا اليابانية لمثل هذه «دار الدراويش للنشر والترجمة» في بلغاريا،
وتضمن ( )167قصيدة خماسية ،وسمه كاتبه
العلامات.
في العنوان الفرعي بـ»تاكا عربي» .وإذا كان هذا
قصيدة التانكا ،الشكل والهوية التوصيف منطقيًّا ومقبو ًل من جهة مفردة التانكا
التي أشار إليها ،فإن الأمر يستدعي وقفة تأملية في
التانكا والهايكو والهايبون والسنريو هي أشكال ما هو مفردة «عربي» .ما يعني أن التانكا بصفتها
من القصيدة اليابانية .فإذا كان الهايكو متأل ًفا من
سبعة عشر لف ًظا تحتوي على ثلاث وحدات منظمة قصيدة يابانية الأصل قد تفرعت إلى أشكال
بطريقة 5 ،7 ،5مقط ًعا وموزعة على ثلاثة أسطر، متنوعة في الثقافات الأخرى .يبدو أن محمد حلمي
الريشة قد قصد هذا التوصيف عن وعي للإشارة
فإن التانكا المتألفة من خمسة أبيات ،بصفتها
قصيدة من أصل ياباني ،أقل تداو ًل وشيو ًعا في إلى أن نصوص التانكا التي تضمنها ديوانه إنما
الشعرية العربية من الهايكو ،ومن يكتب فيها في هي محاولة لتعريب هذا النوع الشعري ،بمعنى
الوطن العربي هم قلة .فما هي قصيدة التانكا؟
من دون إطناب ،يعرفها الشاعر والمترجم الليبي توطينه في بيئة عربية ذات خصوصية ثقافية
وشعرية ،وهو ما يعني تعدي ًل وإضافة على شكل
التانكا وموضوعاتها عربيًّا .يذكر ،أي ًضا ،أن قصائد
الديوان وردت مرقمة من واحد إلى مائة وسبع