Page 26 - Pp
P. 26

‫العـدد ‪35‬‬                                                           ‫‪24‬‬

                                                                                                                                                           ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

‫فالخلل من مصدر خل‪ ،‬وهو اضطراب الشيء‬                                                                                                                        ‫التانكا المكتوبة باللغة الإنجليزية‪ ،‬فلم يكتبها في‬

‫وعدم انتظامه‪ ،‬والخلل‪ ،‬أي ًضا‪ ،‬هو الفساد والضعف‪.‬‬                                                                                                            ‫سطر واحد بكل مقاطعه الواحد والثلاثين بل جاءت‬

‫وفعل «خلل» يأتي بمعنى‪ :‬نفذ‪ ،‬فتح‪ ،‬خرق‪ ،‬شق‪،‬‬                                                                                                                               ‫في خمسة أسطر‪.‬‬

‫جعل فجوة‪ ،‬وهذه جميعها من مرادفات فعل‬                                                                                                                       ‫‪ -‬تعبر التانكا عن ذاتية الشاعر‪ ،‬ويسمح له‬

‫«خلل»‪ ،‬بما يعني أن العنوان مبني على فكرة أن فعل‬                                                                                                            ‫استخدام المجاز وأوجه البلاغة‪ .‬هذا في ما شهدته‬

‫«خلل» يتصل بالمطر الذي ينفذ من أشعة الشمس‪.‬‬                                                                                                                 ‫التانكا اليابانية من تطور وتغييرات لاحقة مخالفة‬

‫والمطر بشارة خير وخصب وبهجة‪ ،‬وهو في علاقة‬                                                                                                                  ‫للأصل‪ .‬وقد سار الريشة على هذا المنوال‪ ،‬فاستعمل‬
‫بالشمس وشعاعها الذي يضفي جما ًل وسح ًرا على‬
‫المطر المتقاطر‪ .‬والشعاع هو أدنى النور‪ ،‬والشمس‬                                                                                                              ‫أوجه البلاغة من صور واستعارات ومجازات‪.‬‬

‫هي النور كله‪ ،‬وهذا النور أو البصيص منه هو‬                                                                                                                  ‫في هذا الصدد‪ ،‬نختم بقول الشاعرة والناقدة‬

‫الذي يوشي المطر بمشهد طبيعي فاتن وقليل‬                                                                                                                     ‫المغربية مريم شهاب الإدريسي في مقالة لها حول‬

‫التكرار‪ ،‬إذ لا يكون عادة إلا في شهر نيسان‪،‬‬                                                                                                                 ‫المجموعة الشعرية «مطر خلل شعاع شمس»‪:‬‬

‫شهر الهطول والنماء والصفاء‪ .‬مع الإشارة إلى أن‬                                                                                                              ‫«إِنها تفاصيل ثقافة شعرية تمرست عليها قراءات‬
                                                                                                                                                           ‫اللنعديصدو منصهاا‪،‬لتامناك َأاكال َأسبصلديةوا َتوه ُد ْرخببترهةعملىن‬
‫العنوان مقتطف من القصيدة الآتية رقم ‪َ « :10‬م َط ٌر‬                                                                                                                                                                              ‫الشاعر‬
‫َم ْق َب َر ٍة‪/،‬‬  ‫ََوخ َِلر َيل ٌح ُشَر َاعاِق ِع َص ٌَةش َْتم ْم ٍ ِزس ُ‪/‬ج ُهَيم َس ِبا َقُس ُط ْخ َِرع ََيلٍة‪/َ .‬ح ِد َريا َق َ ِحة‬                                                                                           ‫ترجمة‬
‫َحا ِر ٌس‪/‬‬
                                                                                                                                                           ‫اعتماد الشكل الخاص بالتانكا المكون من خمسة‬
                                                                                                                                                           ‫أسطر يكون الثالث فيهما هو الرابط ما بين ال َأولين‬
                  ‫َجا َء َحا ِر ٌس‪َ /-‬ت ْص ِفي ُق َأ ْح َيا ٍء َم ْو َتى»‪.‬‬                                                                                 ‫وال َأخيرين‪ ،‬من دون إِغفا ٍل َأو تنا ٍس ل َأهمية علامات‬
                  ‫أغراض التانكا في المجموعة الشعرية‪:‬‬
                                                                                                                                                             ‫الترقيم و َأصوات الحروف ودلالاتها»‪ .‬على الرغم‬
‫من الصعب توزيع النصوص الشعرية إلى ما‬
                                                                                                                                                           ‫من أن علامات الترقيم التي تشير إليها تختلف في‬
‫يسمى بالأغراض‪ ،‬حيث القصيدة الواحدة يمكن‬
                                                                                                                                                                        ‫العربية عن مثيلاتها في اللغة اليابانية‪.‬‬
‫أن تتضمن أكثر من غرض أو موضوع أو تؤلف‬
                                                                                                                                                           ‫الأغراض وخصائصها الفنية والدلالية‬
‫بين مواضيع شتى‪ .‬غير أننا أمام نصوص قصيرة‬

‫تميزت بالبناء على فكرة واحدة أو موضوع واحد‬                                                                                                                   ‫أغراض التانكا‪ ،‬في أصلها الياباني وقبل تطورها‪،‬‬
                                                                                                                                                               ‫كانت في مواضيع محددة منها‪ :‬الموت‪ ،‬والحب‪،‬‬
‫في أحيان كثيرة‪ .‬لذلك سنتناول ما هو سمة أو‬                                                                                                                        ‫والترحال‪ ،‬والطبيعة‪ ،‬وبعض أوجه الأحداث‬

‫خاصية غرضية في هذه المجموعة الشعرية ومنها‪:‬‬                                                                                                                 ‫المعيشة‪ .‬أما التانكا الحديثة فلا حدود لموضوعاتها‪،‬‬
                                                                                                                                                           ‫إذ هي منفتحة على كل الأغراض‪ ،‬وتفاصيل الحياة‪،‬‬
‫‪ -‬الذات في أحوالها الخاصة وعلاقتها بالمحيط‪.‬‬                                                                                                                ‫وقضايا الوجود الإنساني‪ ،‬وطرق إقامة البشر على‬

                                       ‫‪ -‬العاطفة بجميع أشكالها‪.‬‬                                                                                                                     ‫هذه الأرض وأحوالهم‪.‬‬
                                                                                                                                                                                             ‫قراءة العتبة‪:‬‬
                  ‫‪ -‬الطبيعة في علاقتها بالذات والآخر‪.‬‬
                                                                                                                                                              ‫يوحي العنوان بمعجم الطبيعة‪ .‬عدا كلمة واحدة‬
‫وفي المجموعة تنويعات مختلفة ومتعددة على صعيد‬                                                                                                                 ‫«خلل»‪ ،‬وهي الكلمة المفصلية التي تربط بين تلك‬
                                                                                                                                                            ‫العناصر الطبيعية لتقدم الحالة أو المشهد أو تعلن‬
‫الموضوعات المتطرق إليها‪ .‬غير أننا سنكتفي بالأهم‬
                                                                                                                                                               ‫عن الفجوة‪ .‬فالمطر إحالة على الخصب والنماء‪،‬‬
                                       ‫والأكثر شيو ًعا ومنه‪:‬‬                                                                                               ‫وربطه بأشعة الشمس إنما هو دلالة على ظاهرة أو‬
   ‫أ‪ -‬ما هو مشهدي‪ :‬وقد تعلق أسا ًسا بعرض أو‬                                                                                                                ‫حالة أو مشهد موسمي لا يتكرر كثي ًرا‪ .‬وإذا كانت‬
‫وصف لعنصر أو مجموعة عناصر أو مشهد قوامه‬
‫الطبيعة من ذلك القصيدة رقم ‪َ « :133‬غ َن ٌم ُم َت َفر َق ٌة‬                                                                                                    ‫مفردات‪ :‬مطر‪ ،‬شعاع‪ ،‬شمس‪ ،‬واضح ًة بالنسبة‬
‫أُِدف ِق َُمق ْرا ًلعنىَظ ْ‪/‬ر‪َ :‬ب‪َ /‬ش َمٌر ْن َي َت َُهن ْمز ُهَغوَن ٌَمن‪َ ،‬أ‪ْ/‬ك ًَول َم َوْن ُشُهْر ْم ًبا َب َ َمش ًع ْار؟‪ ./»!-‬أو‬                        ‫إلى المتقبل‪ ،‬فإن مفردة «خلل» تحتاج إلى التفسير؛‬
 ‫َ«ن َبِع ْدي َءُق ُه ُغ ُنُروو َر ِب‬  ‫هذا الأنموذج من القصيدة رقم ‪:75‬‬
‫َو َب َب َغا ٌء ُي َرا ِو ُح‬           ‫اَنْلَِها ْ ٍرص َب َابا ِ ِحئ‪/ٍ ،‬س‪َ :‬و‪ُ /‬بوُغ ٌَمرا َي ٌْبب َت َ ِعسَ ُلم َلَعُه ُم ِبو َعٍد َماُي ِئْز ِه ِ‪،‬ع ُ‪/‬ج‬
   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31