Page 29 - Pp
P. 29
التانكا في الأصل هي إحدى أشكال وفي جانب آخر نعثر على نصوص تحتفي بما
"الواكا" ،حيث ينشد العامة من الناس هو حدثي ،فيلتقطه الشاعر ضمن لغة شعرية
قصائد التانكا التي يكتبونها في تتسم مفرداتها بالبساطة أو هي توحي بها.
مواضيع محددة ،أمام الإمبراطور أثناء غير أن تشكيل اللغة والتآلف والمزج بين
الاحتفال بيوم رأس السنة الجديدة مفرداتها أضفى شعرية مخصوصة على
كل عام ،ويتم حفظها على اعتبار النص .هكذا هو الحال في نص يصور الحدث
أهميتها المناسباتية والوطنية .ثم العابر أو هو يلتقطه بعين شعرية تصويرية
توالت الإبداعات في هذا النمط ،وحدثت موشاة بضروب المجاز وقطن الغموض
تجاوزات هي من قبيل التجديد والتطوير الشفاف الذي يوحي بالشيء؛ فهو يلمح ولا
في الشكل والمضمون. يصرح ،ويفتح عين المتقبل على أوجه التأويل
أما إيقاع التانكا في أصلها الياباني غير إيقاعها في والبحث عن الدلالة أو استكمالها وبقفلة تتسم
اللغات الأخرى ومنها اللغة العربية ،فنحن لسنا
إزاء بحر أو تفعيلة كصيغتين للإيقاع الخارجي بالمراوغة والإدهاش وصور شعرية في شكل
للقصيدة ،كما أننا لسنا إزاء قصيدة نثر ،وإن كان استعارات سريالية أحيا ًنا؛ ومن هذه النماذج
هناك ما يربط بينها وبين التانكا ،بل إن المسألة
نعرض هذا النص التانكوي البديع رقم :3
تتعلق بإيقاع مخصوص أو إيقاع الحياة والحرارة َه َب ِة ال َر ِبي ِع؛َ /ن ْب َت ُة ا ْل ُف ْل ُف ِل ا ْ َل ْح َم ِر/ « ِبا ْنتِ َظا ِر
والإثارة والصدمة والإرباك في نصوص تانكا َر َذا َذ ا ْل َغ َما ِمِ /ف ه َذا ال َط ْق ِس َت ْس َت ْن ِش ُق
الشاعر محمد حلمي الريشة ،فض ًل عن الإيقاع المُ َت َق َل ِب /-لِ ْل َق ْه َو ِة َن ْك َه ٌة َت ْر َت ِج ُف ِب ِر ْف َقتِ َها».
الدرامي والمشهدي والحدثي ،وذاك الذي يعبر عن اللغة والإيقاع والمعجم
الموقف تجاه وضعية أو حالة ما .هناك ،أي ًضا،
الإيقاع النفسي المتوتر أو المنفعل أو المحتفي من الأساليب والتقنيات التي اعتمدها الشاعر
بالبهجة والعشق والعاطفة .اعتمد الشاعر في أغلب توظيفه لعناصر سردية من شخوص وزمكان
قصائده على ما يمكن أن نسميه بالوقف الذي يأتي
وحوار ووصف وحدث .فض ًل عن تنوع الخطاب
مع نهاية سطر شعري من السطور الخمسة التي
تؤلف قصيدة التانكا ،وقد أشار إليه بالعلامات منها بتعدد الضمائر ،حيث نجد الكثير من الأمثلة في
المطة في آخر السطر والشالة والنقطتان ،والفاصلة هذا المضمار ،منها القصيدة رقم 106وهذا نصها:
والنقط المتتابعة وغيرها من العلامات .وفي الوقف َ ْل َت ِق ْف « ِه َيَ ِ :ل ا ْل ُع ُبو ُس؟/
َج َوا ًباُ /.ه َو: َف َت ْس َم ُع َع ْي َني/. إِن َها الش ْم ُس َت ْش ِوي
أخذ نفس ،وفي الوقف أي ًضا استراحة وتأمل ُم َرا ِه ٌق َت َر َك ِني َسا ٌن
وتركيز وتفكير في انتظار استيفاء المعنى فيما هو الت َجا ِعي َد /لِ َش ْي ُخو َخ ِة إِ ْب ِري ْل!» .وهي حوارية بين
لاحق من الأسطر الشعرية .فنحن أمام إيقاع تأملي ضميرين هو وهي ،ونلحظ فيها بيسر استخدامه
لصيغة الحوار والضمائر أو الشخوص والحدث
والزمكان بما ينسجم وعناصر السرد التي نراها في
القصة والقصة القصيرة ج ًّدا.
كما نشير إلى ظاهرة شعرية أخرى نجدها ،أي ًضا،
في القص الموجز ،وهي عناية الكاتب بالقفلة التي
تأتي في آخر السطر ،فتكون غير متوقعة ومراوغة
وصادمة ومربكة .ومن أمثلة ذلك القصيدة رقم 1
من هذا الديوانَ « :سا َل ْت َد ْم َع َتا ِنِ /م ْن َع ْي َن ْي َها؛َ /ه ْل
َأ ْم َس ُح َأو ًل /ا ْل ُي ْم َنى َأ ِم ا ْل ُي ْس َرى؟ِ /ل َي ٌد َوا ِح َد ٌة».