Page 33 - Pp
P. 33

‫‪31‬‬               ‫إبداع ومبدعون‬

                 ‫رؤى نقدية‬

                                                                   ‫منهج معين‪ .‬بل لا بد من ربطها‬

                                                                   ‫بخلفياتها الإبستمولوجية‬

                                                                   ‫المؤطرة لهذا المنهج أو ذاك‪.‬‬

                                                                   ‫إن التحكم في هذه الزاوية‬

                                                                   ‫المعرفية‪ ،‬يمكن من محاولة‬

                                                                   ‫الفصل «في مسألة قيمة المناهج‬

                                                                   ‫بالنظر إلى هدفها العام‪ ،‬أي‬

                                                                   ‫تحاول الكشف عن الواقع‬

                                                                   ‫الذي نصل إليه بواسطة كل‬
                                                                   ‫منهج»(‪ ،)2‬فض ًل على أن طبيعة‬

                                                                   ‫الموضوع والوعي به‪ ،‬من أولى‬

                                                                   ‫الخطوات التي تفرز وتحدد‬

                                                                   ‫المنهج المتناسب مع الأثر في كل‬

                                                                   ‫بحث علمي‪ .‬كما أن خصوصية‬

                                                                   ‫الموضوع على مستوى الغاية‬

‫عبد الله العروي‬  ‫رولان بارت‬     ‫جوليا كريستيفا‬                     ‫والهدف تتحكم في اختيار‬
                                                                   ‫المنهج‪ ،‬لتحقيق الانسجام‬

‫أما بخصوص «المنهجية» التي بدورها تفسح مجا ًل‬                        ‫المطلوب بين الرؤية التي تؤطره من جهة‪ ،‬وأهداف‬
‫للذات في الممارسة الإجرائية؛ فهي «علم قائم بذاته‪،‬‬                  ‫البحث المزمع الخوض فيه من جهة ثانية‪ .‬إن طبيعة‬

   ‫يأخذ الطرائق المتبعة في دراسة الآداب والتاريخ‬                           ‫الموضوع محددة للمنهج وليس العكس(‪.)3‬‬
   ‫والاقتصاد وعلم النفس‪ ،‬إلخ‪ ..‬لينظر في أسسها‬                          ‫ويشير المنهج في مجمله إلى «الطريقة التي تتبع‬
  ‫العامة المنهجية دراسة استقرائية تصنيفية مبنية‬                    ‫لعرض موضوع من المواضيع»(‪ ،)4‬فلا أفضلية بين‬
‫على المقارنة»(‪ ،)6‬مادام تطبيق خطوات المنهج العلمي‬                    ‫منهج وآخر إلا في حدود ما يسفر عنه من نتائج‬
                                                                      ‫أثناء مقاربة الظاهرة الأدبية‪ ،‬وهذا ما أشار إليه‬
     ‫تكتنفه عوائق وصعوبات‪ ،‬والناقد في ظل هذه‬                        ‫عباس الجراري في «خطاب المنهج» حين قال‪« :‬إن‬
 ‫العلوم لا يملك استقلالية تامة عن الظاهرة الأدبية‬                    ‫قيمة أي منهج ليست كامنة فقط في نوع الأدوات‬

                 ‫التي استعملها الباحث‪ ،‬سواء أكانت صالحة أو غير موضوع المقاربة النقدية‪.‬‬
    ‫لهذا‪ ،‬فالذات في خضم هذا السياق؛ تلعب دو ًرا‬
‫أساسيًّا في إنتاج المعرفة‪ ،‬على الرغم من الدور الذي‬                 ‫صالحة‪ ،‬لمجرد أن البحث‪ ،‬أو أن ‪-‬موضة‪ -‬تقتضي‬
‫يلعبه المنهج في الحيلولة بين الذات والموضوع‪ ،‬ذلك‬                   ‫نو ًعا ما من المناهج‪ ،‬ولكن قيمة أي منهج‪ ،‬رهينة بما‬

                 ‫أن «امتلاك الذات للآلة مع القدرة الإجرائية عليها‬                   ‫يحققه في نطاق رؤيته وهدفه»(‪.)5‬‬

‫ترفع الذات عن موضوعات الظرف وحدود الغايات‬                          ‫مع العلم أن طريق علمية «العلوم الإنسانية»‬
   ‫الشخصية»(‪ ،)7‬وما دام المنهج يتصف بال ِعلمية‪،‬‬
                                                                   ‫محفوفة بالمخاطر والمنزلقات‪ ،‬خاصة عندما يكون‬
                                                                   ‫التعامل في نطاق هذه العلاقة بين المنهج والظاهرة‬
‫الأدبية علاقة نفعية تصل أحيا ًنا كثيرة إلى نوع من فإن النتائج التي يسفر عنها في مجال البحث تكون‬
                 ‫علمية أي ًضا‪ ،‬و»من صفات العلمية التي أفرزتها‬       ‫التعسف على»النص»‪ ،‬انتصا ًرا للمنهج‪ .‬فض ًل على‬
                                 ‫معطيات العصر أربع صفات‪:‬‬           ‫أن المناهج في تطور وتغير مستمرين‪ ،‬مما يستدعي‬

                 ‫أ‪ -‬النسبية «في مقابل الإطلاق»‪.‬‬                    ‫الحفاظ على مساحة من المرونة في التعامل مع‬

                 ‫ب‪ -‬الديناميكية «في مقابل الجمود»‪.‬‬                 ‫الظاهرة الأدبية‪ ،‬حيث لا ينبغي التعامل مع المنهج‬

                 ‫ج‪ -‬الاستنباط «في مقابل الإسقاط»‪.‬‬                  ‫كصرح نسقي معياري ثابت‪.‬‬
   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37   38