Page 37 - Pp
P. 37
35 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
محمد أديوان عبد الله الغذامي حصر .وبما أن المحتمل يلعب على انقسام الدليل
إلى دال ومدلول ،فإنه توحيد للدوال فوق المدلولات
ومادام «التراث» يشكل مادة خصبة لاحتوائه المغلقة :إنه يقدم نفسه كتعدد دلالي مع َّمم .ويمكننا
عناصر التحليل القرائي والتأويلي ،اتجه نحوه
النقد العربي والمغربي أي ًضا ،سيما مؤلفات البلاغة القول بأن المحتمل هو التعدد الدلالي للوحدات
والنحو والتفسير واللغة والفلسفة ،لتسير القراءة الكبرى للخطاب»(.)27
والتأويل في خ ٍّط متوا ٍز ،على غرار ما دأبت عليه
قراءة النصوص المقدسة في الغرب .لم يكن هذا فقط فالنص ،يحتاج لفاعل يخلقه ،ويبرز معانيه .وبتعدد
هو الدافع ،لإعادة قراءة التراث وفق هذا المنظور. الفاعلين ،تصبح الدلالة محتم ًل خطابيًّا ،ومتعد ًدا في
بل هناك دافع آخر ،حين يتعلق الأمر بمسألة
«النهضة» مادامت «نظرية التلقي» قد «نشأت في بلد الآن ذاته ،وهذا ما يجعل النقد يتعامل مع الخطاب
خرج منهز ًما من الحرب العالمية الثانية ،في سياق انطلا ًقا من مجموع العمليات التي يبني بها الفاعل
يمقت التاريخ وويلاته بعد تلك الحرب ،في أفق
«إبدال» معرفي جديد لا عهد للبشرية به مثل التحكم النص ،ويحتاج في صميم هذه العملية إلى ربط
الذاتي والإعلاميات ،ونشأت في سياق إطار منافسة أواصر الجدل والتفاعل مع آخر لاكتمال ،خلق
إقليمية ..وعلى هذا ،فقد ُت َت َل َّقى على أنها نظرية
المنهزم الذي سعى إلى النهوض من كبوته ،والذي النص بمستوياته المتعددة.
يريد أن يستخلص العبرة من تاريخه الخاص/ ومن الطبيعي ،أن النص لم يبعث من عدم ،أو من
درجة المعرفة الصفر ،بل عبارة عن نصوص أخرى
ومن التاريخ الكوني (.)30(»)..
وإذا كانت مسألة قراءة التراث ،قد اتخذت صي ًغا شكلت قاعدته الأساس .لذلك ،فـ»كل نص هو
عدة ،فإن الأمر لا يرتبط بنظرية التلقي وحسب، تناص ،والنصوص الأخرى تتراءى فيه بمستويات
متفاوتة وبأشكال ليست عصية على الفهم بطريقة
بل بمناهج أخرى .لكن ما يميز «نظرية التلقي» أو بأخرى إذ تتعرف فيها نصوص الثقافة السالفة
والحالية :فكل نص ليس إلا نسي ًجا جدي ًدا من
استشهادات سابقة»(.)28
وإذا كنا قد تحدثنا عن اللغة لكونها عصب التغيير
الأول في النقد الأدبي المعاصر ،فإن النص عصبه
الثاني ،الشيء الذي جعل النقد قراءة فقط للنص،
وفق ما تقتضيه اللحظة الوجودية وما يفرضه
العصر وسياقاته من أسئلة وقضايا تتم مقاربتها.
-4النقد الأدبي المعاصر :قراءة مقاربة:
إن هذه التحولات التي عرفها النقد الأدبي المعاصر،
سواء في علاقته باللغة أو بالنص هي نتيجة
التصورات التي عرفتها علوم ونظريات ما بعد
البنيوية ،مما جعل النقد يعيد التفكير في إواليات
اشتغاله ،بل إعادة القراءة لمجموعة من النصوص
في الثقافة العربية؛ وفق منظور جديد خاصة مع
«نظرية التلقي» وبذلك فـ»لحظة الشروع بترجمة
نظرية التلقي ،سوف يستعمل النقد العربي مفهوم:
القراءة ،وهو مشحون بدلالة تأويلية تربط بين
الاستعمالات اللسانية والأسلوبية ،بين المعنى البعيد
المخفي»(.)29