Page 34 - Pp
P. 34
العـدد 35 32
نوفمبر ٢٠٢1
بالبلاغة والأدب»( .)11من هذا المنطلق ،أصبح واقع د -الوصفية «في مقابل المعيارية»(.)8
النص الأدبي ،واق ًعا مبنيًّا ،وليس معطى من
-1تحولات المنهج في النقد المعاصر:
الخارج ،فلم يعد الدال /النص رهين مدلول واحد
وأحادي ،بل ِدلالا ٍت متعدد ٍة هي نتاج للنص من عرفت المناهج النقدية تطورات وتحولات ،انسجا ًما
خلال التجاوز الإبداعي الذي هو «تأسيس لنظام مع التطورات العلمية والفلسفية ،فمنذ قيام
الفيزياء الغاليلية أتيحت فرصة «إعادة النظر
جديد ينبثق من داخل النص تتحرك به الدوال نحو
مدلولات تتشكل كناتج إبداعي لعلاقات الدوال في بعض المفاهيم الأساسية التي كانت تسود
الفكر القديم والوسيط ،فلم تعد الطبيعة مغلفة
بعضها مع بعض»( .)12وعلى الرغم من أن المناهج بغلاف إيديولوجي أخلاقي ،ولم تعد المادة تتمتع
البنيوية ،بقيت حبيسة النص ونادت بموت المؤلف، بخصائص حيوية .فكان ذلك تد ُّخ ًل للحظة العلمية
فإنه يمكن القول إنها النواة التي تولدت عنها وفعالية للمستوى العلمي»(.)9
اتجاهات عرفت باسم (اتجاهات ما بعد البنيوية)؛ وعلى الرغم من تأثر النقد الأدبي بهذا التطور
مثل التفكيكية والسيميولوجية ،والتأويل ،وجمالية العلمي على مستوى مناهج دراسة الظاهرة الأدبية،
فإنها لم تلامس النص الأدبي في جوهره؛ الذي
التلقي. يتجسد في الاشتغال على اللغة ،حيث ظلت تنظر إليه
فعملية النقد ،من طبيعة الحال ،لم تبدأ مع البنيوية، باعتباره «وثيقة» ،وقد تجسد هذا في كل من المنهج
بل مع المناهج التي سبقتها ،لكن الذي تحقق معها التاريخي والاجتماعي والنفسي أي ًضا ،حيث تم
هو الوعي بالعمل الأدبي الذي أصبح له معنى غير التعامل فيه مع الظاهرة الأدبية من الخارج.
بذلك ،كان النقد إما توثيقيًّا ،يعمد إلى ربط النص
منفصل عنه ،فالأسس المنهجية التي سادت منذ بالواقع المعيش وشروطه المادية ،وإما إيديولوجيًّا،
القرن التاسع عشر ،لم تعد مقبولة ،حيث أضحى يقتصر على تبرير الواقع في ذاته .ولم يتم الالتفات
النص التخييلي يرفض أن يتحول إلى «شيء» أو إلى جوهر العملية الأدبية إلا مع المنهج البنيوي الذي
«فكرة» يستفاد منها ثم ترمى في سلة النسيان. يعد لحظة التحول الأولى التي عرفها النقد الأدبي،
وفي سياق هذه «القراءة»( )13الخارجية ،نجد أن جاك حيث بدأ الوعي أن النص الأدبي اشتغال على اللغة،
دريدا Jack dérida قد وقف «عند مفهوم الخارج «فهو خط الشروع أو التأسيس للفاعلية التحديثية
هذا ،فرأى أن التمييز الأولي بين الخارج والداخل لا الجديدة وبدت اللحظة المنهجية الغائبة هي لحظة
يخلو من نفحة وضعية ،بل إنه التمييز الذي كرسته التحديث والتحول والصيرورة الخارجية»(.)10
الميتافيزيقا الغربية عبر تاريخها .وهذا بالمعنى العام لقد تأسس هذا التحول من خلال الوعي بجوهر
للفظ الميتافيزيقا وليس من حيث هي فرع من فروع النص الإبداعي الذي لم يهم ما تنطوي عليه الكتابة
من مواقف إيديولوجية أو اتجاهات نفسية أو من
الفلسفة ،وإنما من حيث هي حياة تحاول فيها محتوى مذهبي ،وإنما ما يقوم عليه من علاقة
مجموعة من القيم أن تؤكد ذاتها»(.)14 جد مضطربة بين الدال والمدلول؛ تتجلى في هزات
شعرية وصورية ،لا يقيسها سلم الناقد إلا إذا كان
تب ًعا لهذا ،فإذا كانت مناهج ما قبل البنيوية تدرس واعيًا بهذه الخلخلة التي يثبت بها النص وجوده
النص من خلال الكاتب ،ومع البنيوية تم الانتقال
إلى النص مع فكرة رولان بارت (موت المؤلف)، ضد المحو.
إن اللغة من هذا المنطلق «أهم متغير مناسب
فإن بداية التحول نحو القطب الثالث في العمل لطبيعته ،ومن ثم فإن نظرية اللغة وما يعتريها
الأدبي كان مع نهاية الستينيات ،ولم تعد مسألة من تحولات تقع في ذروة النسق المعرفي المتصل
«القراءة» بشكل عام تقتصر على إواليات بعيدة
على المتلقي ،بل أصبح هو محط الاهتمام باعتباره
مشار ًكا في العمل الإبداعي الذي يبدأه الكاتب،
ومحق ًقا للوجود الفعلي له(.)15
من هنا ،يمكن القول إن المناهج في صيغتها
التعاقبية /التطورية ،ذات صيغة تصحيحية،