Page 35 - Pp
P. 35
عرفت المناهج النقدية تطورات فكل منهج يحاول أن يتجاوز ثغرات المنهج
السابق ،وبذلك فمناهج (ما بعد البنيوية)
وتحولات ،انسجا ًما مع التطورات
حاولت تجاوز ما وقعت فيه البنيوية خاصة
العلمية والفلسفية ،فمنذ قيام الفيزياء مع «نظرية التلقي» التي لم تهتم بالقارئ فقط
الغاليلية أتيحت فرصة "إعادة النظر بل حاولت أن تربط بين كل أقطاب العملية
الإبداعية من (كاتب ،نص ،متلق).
في بعض المفاهيم الأساسية التي
رافق هذه التحولات على مستوى المناهج
كانت تسود الفكر القديم والوسيط، النقدية ،تحولات على مستوى المفاهيم
فلم تعد الطبيعة مغلفة بغلاف النقدية ،وأهمها مفهومي (المنهج والأدب).
فالمنهج ليس أدوات ومفاهيم مفصولة عن
إيديولوجي أخلاقي ،ولم تعد المادة بعضها البعض ،بل -تب ًعا لهذا« -هو في المقام
الأول تساؤل حول المعنى ،وتساؤل حول
تتمتع بخصائص حيوية .فكان طرق إنتاجه ،وكل مفهوم مرتبط بقضية بل
بقضايا ،وبدونها لن يكون له أي معنى»(.)16
ذلك تد ُّخًل للحظة العلمية وفعالية
ومن الطبيعي أن يسفر هذا على تحول
للمستوى العلمي" في مفهوم الأدب بناء على العلاقة الجدلية
بين محوري الاختيار والاستبدال ،باعتباره عن ًفا
بعينها اعتما ًدا على موروث مكتسب وإنما تعتمد على من َّظ ًما على اللغة الطبيعية ،ليتميز بكونه غرائبيًّا
وسيلة الصراع الاتصالي»(.)19 وتخيليًّا وغير نفعي .لهذا فالمسألة لا ترتبط بالكتابة
أو بطبيعتها ،بل بالكيفية التي تقرأ بها (هذه)
فعلى الرغم مما قامت به اللسانيات من تأثيرات على الكتابة( .)17هذا ما يستدعي الوقوف عند تحولات
النقد الأدبي ،في المقاربة شبه العلمية للغة ،ومحاولة النقد الأدبي المعاصر ،من خلال رؤيته للغة والنص،
ضمان سلامة استقبالها من خلال الربط بين الدال لتصبح المقاربة النقدية من هذا المنظور مجرد قراءة
والمدلول ،فإنها لم تفلح في هذا الاشتغال الآلي، وإعادة القراءة.
ذلك أن الأنساق الفنية وإن كانت ككل الظواهر
الإنسانية الدالة ،فهي تعد من طبيعة ثانية ،انطلا ًقا -2النقد الأدبي المعاصر واللغة:
من استعمال لغة ذات دلالات رمزية ،لا ترتبط ببعد
نفعي معين مباشر .وهذا هو نقطة التحول في علاقة إن أهم تحول عرفه النقد الأدبي في الوقت الراهن،
ارتبط باللغة ،ما دام الأدب اشتغال خاص على اللغة
النقد الأدبي المعاصر باللغة الأدبية. التي أصبحت خلي ًطا من الفن والخيال والهواجس،
من هنا ،يمكن القول إن النقد الأدبي المعاصر ،خرج والوقائع أي ًضا ،أنها تشكل عالمًا ثقافيًّا مواز ًيا للعالم
الواقعي ،من خلال قدرتها على التمثيل الرمزي له،
إلى فضاء جديد ،يعمد إلى المقاربة النقدية ،بدل فـ»المرجع الأدبي ( )..وحدة ثقافية تقدم لنا بعض
الحكم والتقييم ،مادامت اللغة الأدبية مستويات من
خصوصيات النص وبنية الواقع التاريخي التي
المعاني .فالتصورات المشكلة للنقد الجديد نظرت يسير إليها النص»(.)18
إلى المعنى من زوايا مختلفة ربما إلى حد الاختلاف
والتناقض؛ وهذا راجع إلى أن اللغة ليست رم ًزا أو بهذا ،أصبحت مهمة النقد تحطيم الأوهام والمظاهر
دا ًّل يحيل على مدلول ،بل علامة ترتبط بمجموعة الخادعة ،دون أن يقدم الحقيقة مباشرة« .وهذا
من المدلولات ذات طاقة غير متناهية .وربما هذا ما يعني أن الحقيقة ليست مقصورة على أحد دون
جعل مفهوم الأدب يتغير ،إلى درجة غياب الحدود غيره ،كما أنها لا تعتمد على توقد ذهنية إنسانية
الفاصلة بين اللغة والنص والكتابة ،فالكل مناطه