Page 40 - Pp
P. 40
العـدد 35 38
نوفمبر ٢٠٢1
دينا نبيل
"ثورة الفانيليا"..
أدب الرسائل والعالم الموازي
كتاب «ثورة الفانيليا» للكاتبة هبة الله أحمد هو كتاب رسائل أدبية،
ينحو إلى التجريب في كل تفاصيله ،إلى جانب المزاوجة بين أصالة
القالب الرسائلي وما بعد حداثية التقنيات الخطابية .وقد و ّظفت
الكاتبة المطبخ بكل تفاصيله كفضاء مكاني ،ومكوناته ودلالاتها
المختلفة لتجسيد إمكانية استلهام روح المقاومة ،أو بالأحرى القدرة
على الحياة في ظل الضغوطات ،لتعبر عن ذاتيتها وهويتها في عالم
تعصف به الوحدة والخوف.
الواحد والعشرين يتناول القلم والورقة ليخ ّط رسالة لا يمكن ذكر الرسائل الأدبية دون أن تتبادر إلى
إلى محبوبته ليخبرها بما يختلج في صدره؟ لقد
الذهن رسائل مي زيادة وجبران خليل جبران أو
تلاشت هذه الصورة بالكامل ،ففي عصر التكنولوجيا رسائل غسان كنفاني وغادة السمان ،ولا يستطيع
والمحادثات والمؤتمرات الإلكترونية لا تبدو تلك قارئ لرسالة أدبية أن ينفي أثر تلك الرسائل الجمالي
رغم قيمتها في حفظ التواصل بين البشر في تجسيد
الصورة واقعية بأي حال من الأحوال ،بعد ظهور
الأجهزة المحمولة كوسيط للحوار ،حتى أن فكرة توهج المشاعر وثيمات الوجد والشوق؛ فلطالما
الشوق والغياب لم تعد ملموسة كما في الماضي، ارتبطت الرسائل بالغياب واستحضار
ولاسيما في ظل التراسل عبر
شاشات الحواسب المضيئة. الأحباء عبر جزالة اللغة ومشاهد استعارية
لذا لم يكن غريبًا أن ينزوي تأخذ بالعقل والروح م ًعا .ولكن أين نحن
ذلك الجنس الأدبي ،بل يسلك
مسالك أخرى ليبقى على قيد من أدب الرسائل الآن؟ رغم كونه أحد أقدم
الحياة ،مثل دخوله داخل الأجناس الأدبية التي نتلمس وجودها في
عباءة الشعر أو السرد؛ فلقد تراث رسائل ابن عربي وابن المقفع ،وفي
أفادت الرواية من طبيعة عصر النهضة الأوروبية ،فإنه يكاد أن
الرسائل الحوارية وقوتها يندثر أو يلفظ أنفاسه الأخيرة
الخطابية ،فظهرت «الرواية بعد أن تسيد المشهد ك ٌل من
الرسائلية» في أوروبا في الرواية والقصة القصيرة
القرن السابع عشر ،وأشهرها يليهما الشعر والمسرح.
ولكن في الواقعَ ،من يكن
ليتخيل أ ّن إنسا ًنا في القرن
هبة الله أحمد