Page 30 - Pp
P. 30

‫العـدد ‪35‬‬   ‫‪28‬‬

                                                       ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

                                   ‫وغير مألوفة‪.‬‬        ‫باطني يتوافق مع الحالة والمشهد والموقف واللحظة‬
                                                         ‫الفارقة‪ .‬وهكذا سنتحدث عن إيقاع اللغة والمفردة‬
                ‫خاتمة‬                                        ‫والجملة والحرف إلى حد يمكن القول معه إن‬
                                                         ‫الإيقاع يكاد يغمر كل شيء‪ ،‬بل إن الحياة بجميع‬
   ‫كان من الصعب البحث في التانكا لندرة المراجع‪.‬‬
     ‫كما كان من الضروري الإطناب في البحث عن‬            ‫عناصرها موقعة توقي ًعا منتظ ًما وغير منتظم‪ .‬هكذا‬
                                                                          ‫هي التانكا في صيغتها العربية‪.‬‬
   ‫قواعدها وجمالياتها في أصلها الياباني لمعرفة ما‬
   ‫هو تانكا عربي‪ .‬وعلى الرغم من ذلك فقد أفضى‬                 ‫وعن المعجم‪ :‬فجل قصائد المجموعة الشعرية‬
  ‫هذا البحث المعتمد على المقارنة بين نسخ شتى من‬           ‫«مطر‪ ،‬خلل‪ ،‬شعاع‪ ،‬شمس» تتضمن مفردات أو‬
    ‫التانكا اليابانية والإنجليزية والعربية إلى التأكد‬  ‫عناصر تحيل على الطبيعة إن بصفة مباشرة أو غير‬
    ‫من نجاح الشاعر في البناء على الأصل مع قيمة‬            ‫مباشرة‪ ،‬وهو أمر واضح للعيان‪ .‬لذلك سنكتفي‬
‫مضافة ذات أبعاد جمالية ودلالية وشكلية وايقاعية‬           ‫بجرد ما هو أساسي وأكثر تكرا ًرا وتداو ًل‪ :‬المطر‪،‬‬
‫وبلاغية‪ .‬وله الفضل في إغناء الشعر العربي بأنماط‬         ‫الربيع‪ ،‬الخريف‪ ،‬الصيف‪ ،‬الشتاء‪ ،‬الطقس‪ ،‬السماء‪،‬‬
                                                       ‫الأوكسجين‪ ،‬الماء‪ ،‬الأنداء‪ ،‬الأزهار‪ ،‬الأرض‪ ،‬الطيور‪،‬‬
      ‫جديدة وأشكال مستحدثة من الشعر الوجيز‬                ‫الحصان‪ ،‬وحيد القرن‪ ،‬الهدهد‪ ،‬النحل‪ ،‬الحديقة‪،‬‬
                                       ‫والمكثف‪.‬‬
                                                              ‫الشجر‪ ،‬الاخضرار‪ ،‬الثمر‪ ،‬التفاح‪ ،‬البستان‪،‬‬
 ‫إن مجموعة الشاعر محمد حلمي الريشة الموسومة‬               ‫الصباح‪ ،‬الظلام‪ ،‬الورد‪ ،‬الضباب‪ ،‬الليل‪ ،‬الضوء‪،‬‬
    ‫بـ»تانكا عربي» إنما هي مشروع واع وحداثي‪،‬‬            ‫النور‪ ،‬النوارس‪ ،‬الشاطئ‪ ،‬العشب‪ ،‬القمر‪ ،‬الشهور‪،‬‬
     ‫اجتهد صاحبه في اختصار المعنى وفي الإيجاز‬            ‫الشذى‪ ،‬العطر‪ ،‬النسمات‪ ،‬اليمام‪ ،‬الفواكه‪ ،‬النخل‪،‬‬
                                                       ‫الغروب‪ ،‬المصباح‪ ،‬الغراب‪ ،‬الخوخ‪ ،‬الجبل‪ ،‬القطرات‪،‬‬
  ‫وتقديم كبسولات شعرية عميقة متطر ًقا إلى عديد‬           ‫الشحارير‪ ،‬الخشب‪ ،‬الصندل‪ ،‬المد‪ ،‬الجزر‪ ،‬البحر‪،‬‬
 ‫الأفكار والمواضيع بأسلوب شعري مركز يستدعي‬                ‫النبات‪ ،‬الرمال‪ ،‬الموج‪ ،‬الصخر‪ ،‬الطوفان‪ ،‬المحيط‪،‬‬
                                                         ‫السلحفاة‪ /‬الأرنب‪ ،‬الخليج‪ ،‬الملح‪ ،‬اللوز‪ ،‬الرحيق‪،‬‬
    ‫التأمل وإعادة القراءة‪ ،‬فيبهر ويجلب المتقبل إلى‬         ‫البرقوق‪ ،‬الأوراق‪ ،‬المجرة‪ ،‬الرياح‪ ،‬الجو‪ ،‬الغبار‪،‬‬
  ‫أعماق ومدارج وطبقات المعاني الظاهرة والخفية‪.‬‬              ‫الغابة‪ ،‬الرذاذ‪ ،‬الزبد‪ ،‬اللؤلؤ‪ ،‬الفضاء‪ ،‬الخصب‪،‬‬
  ‫ولقد استطاع الشاعر أن يحافظ على ما هو أصيل‬              ‫الصنوبر‪ ،‬الغنم‪ ،‬القمح‪ ،‬شقائق النعمان‪ ،‬المرعى‪،‬‬
                                                       ‫العنادل‪ ،‬الحمام‪ ،‬الجراثيم‪ ،‬الأسود‪ ،‬الأبيض‪ ،‬الطير‪،‬‬
      ‫في التانكا من حيث الجوهر‪ ،‬فكانت نصوصه‬
                          ‫مصممة على هذا النحو‪:‬‬               ‫الصياد‪ /‬البرد‪ /‬الحر وغير ذلك من المفردات‬
                                                                            ‫والإحالات على ما هو طبيعة‪.‬‬
  ‫‪ -‬الموضوعية‪ :‬بعرض مشهد أو موقف أو وصف‬
                   ‫حالة أو حدث بطريقة محايدة‪.‬‬                 ‫ومرد هذه المعجم في تقديرنا وهذا التوظيف‬
                                                       ‫لعناصر الطبيعة كون الموضوع الأساس للتانكا هو‬
     ‫‪ -‬التحول‪ :‬وقد صاغه في عبارات محورية هي‬            ‫في الأصل الطبيعة في موسميتها ومناظرها الخلابة‬
  ‫عبارة عن فاصلة وغالبًا ما كان في السطر الثالث‪.‬‬       ‫وجمالها في علاقة بالإنسان تأثي ًرا وتأث ًرا‪ .‬مثلما هو‬
                                                        ‫الأمر في قصيدة الهايكو‪ ،‬أي ًضا‪ ،‬حيث توجد بعض‬
        ‫‪ -‬الذاتية‪ :‬التي تأتي لتصف موقف الشاعر‬          ‫القواسم المشتركة بين النوعين أي الهايكو والتانكا‪.‬‬
        ‫وانفعاله بما هو مشهد موضوعي صيغ في‬
     ‫السطرين الأولين‪ .‬وهو بذلك حافظ على جوهر‬                 ‫كما لا يمكننا أن نغفل احتفاء الشاعر بالمجاز‬
 ‫التانكا‪ .‬لكنه سعى إلى التجديد بأن وظف ما ينتمي‬           ‫والاستعارات في جل نصوصه إلى حد يمكن معه‬
 ‫للشعرية العربية من أوجه بلاغية وعلامات ترقيم‬
   ‫وتضمينات ومعجم ينتمي إلى البيئة العربية وإلى‬              ‫القول إنه يؤسس لبلاغة جديدة قوامها اللغة‬
    ‫الواقع العربي لا سيما من حيث المواضيع‪ .‬كما‬            ‫البسيطة التي يكاد يعجنها ويمزج بين مفرداتها‬
   ‫خاض غمار التجريب فأفلح في توطين التانكا في‬           ‫ليؤلف صو ًرا واستعارات مفارقة وأحيا ًنا سريالية‬
     ‫محيط عربي وعربه ليكون في متناول القارئ‪.‬‬
‫ونشير‪ ،‬أخي ًرا‪ ،‬إلى أن هذه المجموعة الشعرية تحتاج‬
   ‫إلى مزيد البحث لسبر أغوارها والتعرف على هذا‬

                  ‫النمط الجديد من الشعر الوجيز‬
   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35