Page 25 - Pp
P. 25

‫‪23‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

‫وتأملية نوعت في مضمونها وطورت شكلها القديم‪.‬‬                             ‫أقدم الأنواع الشعرية اليابانية‪.‬‬
‫‪ -‬يذكر‪ ،‬أي ًضا‪ ،‬أن اللغة اليابانية تستخدم ما يسمى‬       ‫لقد حافظ الشاعر على ما هو أساسي شك ًل وهو‬
                                                      ‫عدد الأسطر‪ ،‬وإن كان توزيعها قد خضع أحيا ًنا إلى‬
      ‫بـ»الأونجي»‪ ،‬أي المقطع الصوتي المتكون من‬          ‫بعض ضروريات الطباعة الورقية بما يوحي بأن‬
 ‫حرف ساكن وحرف علة وذلك عو ًضا عن علامات‬               ‫بعض الأسطر‪ ،‬وبخاصة السطر الخامس والأخير‪،‬‬
                                                        ‫قد انفلتت منه بعض المفردات لتتخذ حي ًزا بصر ًّيا‬
      ‫الترقيم‪ ،‬حيث يستعمل كاتب التانكا «أونجيًّا»‬      ‫في سطر سادس‪ ،‬وذلك لأن السطر لم يتسع لعدد‬
       ‫واح ًدا أو اثنين ليشير إلى الوقف في الأبيات‪،‬‬
 ‫وليمنحها النغمة المطلوبة أكانت تعجبًا أو استفها ًما‬                                     ‫الكلمات فيه‪.‬‬
  ‫أو غيرهما‪ .‬هذا فيما هو شعرية تانكاوية يابانية‪،‬‬             ‫ولا ننسى‪ ،‬أي ًضا‪ ،‬أننا أمام إيقاع الصوت في‬
   ‫وهو ما لا يمكن أن يكون في اللغة العربية بسبب‬        ‫القصيدة اليابانية بينما هو إيقاع البحر أو التفعيلة‬
‫اختلافات أشرنا إليها ساب ًقا‪ .‬لذلك استعاض الريشة‬           ‫أو ما يسمى بالإيقاع الداخلي في قصيدة النثر‬
   ‫عن الأصوات أو المقاطع الصوتية بالعلامات‪ ،‬أي‬          ‫وغيرها‪ .‬فالفونيم هو وحدة صوتية مميزة تؤدي‬
  ‫علامات الوقف داخل السطر الشعري وفي نهايته‪.‬‬
    ‫‪ -‬تركز التانكا على ما يسمى بالعبارة المحورية‬                                       ‫معاني مختلفة‪.‬‬
     ‫أو الصورة المحورية التي تمثل فاصلة التحول‬
  ‫من عرض المشهد أو الموقف أو الحدث إلى انفعال‬                      ‫استنتاجات‬
     ‫الشاعر به وتبيان شعوره وموقفه منه‪ .‬وهي‪،‬‬
   ‫أي الجملة أو العبارة المحورية‪ ،‬تقع في الغالب في‬     ‫لقد توصلنا من خلال البحث في هذا المتن الشعري‬
  ‫السطر الثالث الذي يليه الانتقال من طور إلى آخر‬                               ‫إلى الاستنتاجات التالية‪:‬‬
   ‫أو من الموضوعية إلى الذاتية‪ ،‬وهو ما حافظ عليه‬
                                                        ‫‪ -‬التانكا قصيدة من دون عنوان‪ ،‬هذا في الأصل‪،‬‬
                       ‫الشاعر في أغلب نصوصه‪.‬‬                  ‫وقد بنى عليه الشاعر محمد حلمي الريشة‬
  ‫‪ -‬التانكا‪ ،‬شك ًل‪ ،‬متألفة من خمسة أسطر‪ ،‬تصف‬
   ‫سطورها الثلاثة الأولى حقيقة أو سياق اللحظة‪،‬‬           ‫حيث لم يعنون قصائده‪ ،‬غير أنه عدل في الشكل‬
                                                       ‫بإضافة علامات الترقيم وهي الأعداد التي أسندها‬
     ‫فيما يعبر السطران الأخيران عن رأي الشاعر‬         ‫لنصوصه‪ ،‬فقد جعل عد ًدا لكل قصيدة من واحد إلى‬
   ‫وإحساسه وأفكاره ورأيه في موضوع القصيدة‪.‬‬
 ‫وقد اتضح أن الشاعر محمد حلمي الريشة قد بنى‬                                       ‫مائة وسبع وستين‪.‬‬
  ‫على ذلك وحافظ عليه في جل النصوص على الأقل‪.‬‬              ‫‪ -‬التانكا في الأصل هي إحدى أشكال «الواكا»‪،‬‬
    ‫‪ -‬تشتمل التانكا في الأصل‬                             ‫حيث ينشد العامة من الناس قصائد التانكا التي‬
                                                          ‫يكتبونها في مواضيع محددة‪ ،‬أمام الإمبراطور‬
     ‫على بيت واحد (خط واحد‬
    ‫مستقيم) متكون من واحد‬                                               ‫أثناء الاحتفال بيوم رأس السنة‬
    ‫وثلاثين مقط ًعا صوتيًّا‪ ،‬ثم‬                                       ‫الجديدة كل عام‪ ،‬ويتم حفظها على‬
‫خمسة أسطر في بعض الأحيان‬                                            ‫اعتبار أهميتها المناسباتية والوطنية‪.‬‬
 ‫لدى الشعراء المجددين‪ .‬أما في‬                                         ‫ثم توالت الإبداعات في هذا النمط‪،‬‬
    ‫اللغات الأخرى‪ ،‬بما في ذلك‬                                    ‫وحدثت تجاوزات هي من قبيل التجديد‬
   ‫اللغتين العربية والإنجليزية‪،‬‬                                     ‫والتطوير في الشكل والمضمون‪ .‬وقد‬
‫فتقسم التانكا إلى خمسة أسطر‬                                          ‫سار «الريشة» على منوال التجديد‪،‬‬
‫ولا تكتب في سطر واحد‪ .‬وهنا‬
    ‫فقد خالف الشاعر ‪-‬بحكم‬                                                    ‫أي أنه بدأ كتابة نصوصه‬
 ‫الضرورة‪ -‬هذا الشكل‪ ،‬فنسج‬                                                  ‫التانكوية من آخر ما توصل‬
     ‫قصائده على شكل قصائد‬                                                ‫إليه كتاب اليابان في هذا النمط‬
                                                                          ‫من تحديث وتطوير‪ .‬فلم تعد‬
                                                                        ‫التانكا تقليدية‪ ،‬ولم تعد إنشا ًدا‪،‬‬
                                                                            ‫بل صارت قصيدة مشهدية‬

                                                       ‫محمد حلمي الريشة‬
   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30