Page 110 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 110
العـدد ١٩ 108
يوليو ٢٠٢٠
زهرة عباد الشمس لا يقربها الليل بوعيها الخيالي الحي ،ورسمها للتفاصيل المشهدية
والوحدة سر ًدا يتأسس على استعادة العالم من خرابه
شفة زرقاء لا يصلح فيها لون الروج الأحمر اليومي ،وإنقاذ جزء من الذات المهزومة ،واسترجاع
وأنت؟ بعض من طمأنينتها المحطمة.
حينما سأعرف ..سأسميك. ولكن كان لسيطرة الأسلوب الكنائي الذي يلغي
تعمل الصورة الشعرية هنا -التي تأسست على المسافة بين الذات وتوصيفها ،وبين العالم ،تأثيره
وعي كنائي بالعالم -على تكسير علاقتنا القديمة الأهم في تكثيف مشهدية الصورة ،وحفر التفاصيل
به ،ليس مجرد تسمية الأشياء بأسماء أخرى ،إنما
أي ًضا إعادة رصد وجودنا المكاني داخل جغرافيا المؤلمة بوعيها الحاد ،وكسر هيمنة الوسائط
الواقع ،المتغير باستمرار ،المخادع ،والذي تتبدل البلاغية ،حيث تندمج الذات مع العالم في علاقة
متوترة ومشتتة بفعل هذا اللاتعريف للهوية الذي
قطعه كما يشبه لعبة البازل.
تغرق داخله الشاعرة.
المحاكاة الساخرة ،الوجه الآخر لمأساة تعلمي أن تصنعي ظلا ًل على الحوائط
الجسد
نعم هذا صقر
اللغة لا تنقل المعنى ،بقدر ما تنقل ظلال علاقتنا وذاك خنجر
بالأشياء ،في لغة بهية طلب لا ترتبك اللغة أمام
قسوة الواقع ،لا تهرب نحو حلم بديل ،ولا تؤسس وهذه سمكة جائعة
لوعي مغاير ،ولا تسعى للهرب من قدرها الحتمي، وهذه أي ًضا غزالة لا تعرف الهروب
ولا حتى تميل لرسم صورة رومانتيكية للحب
الذي يرتكز عليه قسم كبير من نصوص الديوان، وتلك دمعة
اللغة هنا مفعمة بالحزن ،بمرارة الخذلان ،بتطبيع لا بد أن يكون لكل شيء ظل
اليأس وكأنه الوجه الحقيقي لعدم قدرتنا على حين تحبين لا تتركي كلماتك ملقاة على الأرائك
اختراع الإرادة ،ولذا تنحاز اللغة بشكل كبير نحو
تكثيف الألم وتصويره داخل السرد الشعري ،ولكن كزهرة
يائسة
عبر نمط المحاكاة الساخرة: وحين تتألمين ،لا تدعى الخنفسات يتلهفن وجعك
أمشي بين الناس اصرخي بطول سماوات الله الواسعة
أنت تستحقين ظ ًّل.
وأنا أبحث عن صوتي الذي قايضته بقدمين لا هنا يتم تكثيف العلاقة بين الذات /الدال ،وبين
تقويان على المشي العالم /المدلول ،من خلال آلية الإرجاء المستمرة كما
سماها جاك دريدا في النقد التفكيكي ،هذا الإرجاء
أتساءل :هل كان لا بد أن أُدخل الأشباح إلى رئتي المستمر للمعنى يجعل للذات صو ًرا وظلا ًل متعددة
وأتنفس حز ًنا رائ ًقا كطلقات الرصاص المتقنة ولا نهائية ،لا يتم تعريف الذات عبر هوية مطلقة،
وأحب مدن غيابك دائ ًما يأتي الألم ويشوه علاقتنا بالأشياء ،يعيد
أريد صوتي حين نتقابل خلخلة النظام داخل وعينا الذي ينحاز للفوضى،
لن يكون ضرور ًّيا أن نتحدث عن الموت لإعادة ترتيب الحقائق ،للنظر مجد ًدا في المرآة
ومسح الوجوه السابقة ،وهذا ما يتوضح بشكل
ونحن نسير بين الانفجارات والعربات المفخخة جلي في هذا النص أي ًضا:
سأخبرك أنك لا تعرفني جي ًدا لا أحب أن أسمي الأشياء بأسمائها عادة
كنت سأفرح كثي ًرا فالعصفور أسميه رج ًل فضيًّا يرفع كأس نبيذ
لو أهديتني زهو ًرا وامرأة صلعاء تبكي
أو د ًّبا أحمر في عيد الحب قطة سيامية تتكئ على نافذة
والحب