Page 108 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 108
العـدد ١٩ 106
يوليو ٢٠٢٠
عبد الغفار العوضي
الجسد والخراب :تبادل الأقنعة
شعرية الموت المؤجل في تجربة
بهية طلب
عن الذات ،وفضح طاقتها الهائلة المخبأة في الحزن مرت قصيدة النثر بتحولات مختلفة منذ
والوحدة ،بل أي ًضا كمحاولة لاصطياد الزمن
تسعينات القرن العشرين ،تحولات عميقة وجذرية
المعكوس ،الذي يبدو غير قابل للاستعادة ،ولكن جعلتها تتناول الحياة من منظور بعيد تما ًما عن
يمكن نسخ ذاكرة من خلاله ،ذاكرة ليست مهتمة الأيديولوجيا ومضامينها السياسية والاجتماعية،
بتسجيل التفاصيل السابقة بنمط توثيقي ،بل يمكن
وأي ًضا اختلفت كثي ًرا عن النموذج الأدونيسي الذي
اعتبارها إعادة إنتاج للحياة ،إعادة خلق الجسد كان مسيط ًرا على كثير من نتاج قصيدة النثر خلال
وتهشماته وانكساراته ورؤية كيف تصمد الخلايا عقدي الثمانينات والتسعينات ،ممن تأثروا بتجربة
أدونيس ومقاربته الشعرية للعالم والإنسان ،التي
الهشة أمام عاصفة من الألم والفقد والهزائم اتخذت من مركزية الذات وفحولتها منطل ًقا لتكوين
الروحية: رؤيتها الشاملة ،الذات /المكتملة والمحملة بالحلم في
تأسيس عالم مغاير ومتمرد وثوري ،ربما انهارت
لست واضحة الملامح في هذه الصورة تلك الرؤية وانحسرت بفعل موجات من الهزائم على
ولا في أي صورة أخرى مستوى السياسة والقومية ،والتغيرات العميقة التي
أنا خدعة ضوئية صاحبت تسيد الليبرالية الجديدة واقتصاداتها التي
غيرت بشكل جذري في تناول الشعر والكتابة والفن
أبتسم بحدة كحقيبة سوداء
وعندي ثلاثة وعشرون قلم روج أنسى أن للحياة بشكل عام ،فمن ناحية أعمق برزت أنماط
الكتابة الذاتية واستكناه مفهومها والاقتراب أكثر
أستعملهم من عوالم الحياة اليومية ،وتسجيل الحياة كسيرة
ولون شعري الأصلي بني فاتح شعرية تتناول مفردات الحياة الهامشية وتفاصيلها
قالت أمي إني كالشتاء الذي جئت به بدي ًل عن العالم الخارجي الذي كان مسيط ًرا على
مع أني الوحيدة التي كانت ترسلها لشراء الخضار
كثير من الإنتاج الشعري السابق.
وأعود بالقائمة مكتملة تقترب تجربة بهية طلب في ديوانها (طرق فاشلة
وقال أبي إني أشبه الرعد ،وأنا لم أغضبه سوى لاستعادة الأحبة) من حافة الاعتراف والوقوف
أمام المرآة ،في محاولة ليست فقط من أجل الكشف
مرة أو مرتين
ولامني حتى موته لأني حذفت اسم محمد من
اسمي
كلما تحسست وجهي أجد شظايا ذاكرتهم