Page 117 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 117

‫‪115‬‬              ‫تجديد الخطاب‬

‫ريتشارد فاينمان‬  ‫ستيوارت ميل‬         ‫توماس مان‬                                        ‫وتطبيقات ومعادلات‬
                                                                                ‫حسابية وضعية قد تخطئ‬
 ‫انتقل انتقالاته الحالية الموصوفة‬     ‫المعرف من بين جملة المجهولات‬               ‫أو تصيب‪ ،‬ويمكن التعديل‬
         ‫بالتقنية الإلكترونية»‪)1(.‬‬   ‫أو المبهمات‪ ،‬وإذا ما أخذنا بالقول‬         ‫عليها أو محوها بالكلية‪ ،‬هو‬
                                                                                ‫علم تجريبي خاضع لنشاط‬
 ‫الحاجة للمعرفة ليست مشروطة‬             ‫الذي ينص على أن الإنسان في‬              ‫عقلي وبراهين وإثبات‪ ،‬يراد‬
 ‫بوجود مشكلات يجب مواجهتها‬               ‫بداية الأمر استطاع من خلال‬               ‫به ومنه الإحاطة وتفسير‬
                                      ‫مواجهة المشاكل أن يبتكر حلو ًل‬            ‫الظواهر الكونية وفهم أمور‬
      ‫كما هو الحال في النظريات‬       ‫تعد بالنسبة إليه انتقالات معرفية‪،‬‬
‫العلمية‪ ،‬إنما هي تتعدى إلى إعمال‬        ‫فإننا سنقطع بان البدائي ليس‬                 ‫الحياة وجزئياتها وفك‬
                                                                                 ‫ملغزاتها‪ ،‬ولا يصح الخلط‬
  ‫المخيلة فيما ليس ضرور ًّيا مل ًحا‬        ‫بدائيًّا‪ ،‬إلا بطريقة استعمال‬         ‫بين المطلق المصدق الذي لا‬
                           ‫آنيًا‪.‬‬      ‫المادة (المعطى المعرفي) أو كيفية‬         ‫نقاش فيه أو التعديل عليه‪،‬‬

    ‫والعلم أساسه إعمال الفكر في‬          ‫استخدامها‪ ،‬إلا أن هذا وحده‬               ‫وبين التجريبي الخاضع‬
   ‫واقع بعينة لمحاولة الإجابة عن‬         ‫لا يعد مبر ًرا كافيًا لتقبل مثل‬              ‫لإجراء معملي يحتمل‬
  ‫سؤال بني على تراكم معلومات‪،‬‬              ‫هذه الفكرة من دون تحفظ؛‬
                                         ‫لعدم وجود الأدلة التي يمكن‬                ‫الصواب والخطأ‪ ،‬أو أن‬
      ‫صور مسبقة تشغل الذهن‬               ‫الاستناد إليها حيال ذلك؛ لأن‬            ‫يثبت أحدهما صحة الآخر‬
 ‫والربط بينها وبين كيفية حدوث‬           ‫الداعي لوجود الفكر أو التفكير‬
                                                                                     ‫أو ينفيه على أية حال‪.‬‬
        ‫هذا الواقع أو لماذا حدث؟‬           ‫عند الإنسان في هذا القول‪،‬‬      ‫هي بديهيات وجب الوقوف عندها‬
  ‫فالعلم كشف الشيء على ما هو‬              ‫ع َّد مشرو ًطا بوجود المشاكل‬
                                         ‫ومواجهتها‪ ،‬فلا يمكننا اعتماد‬                     ‫لتوضيح المعنى‪.‬‬
    ‫عليه ‪-‬بيان حقيقة الأشياء‪،-‬‬          ‫هذه الفكرة وإن كانت المسيرة‬           ‫أما عن المعرفة‪ ،‬فهي اصطلاح‬
‫وينبغي هنا التفريق بين العمليتين‬          ‫الإنسانية من جهتها المعرفية‬        ‫دال على الإحاطة الكاملة دائمة‬
                                         ‫في تطور مستمر‪ ،‬وخير دليل‬           ‫السؤال‪ ،‬حائرة وليست موقوفة‬
  ‫الأولى والثانية في مسألة العلم‪،‬‬       ‫على ذلك زماننا الحاضر‪ ،‬الذي‬          ‫على علم بعينه‪ ،‬كما أنها امتداد‬
       ‫فالأولى تحصيل المعلومات‬
                                                                               ‫أفقي يجمع بين العلمين م ًعا‬
  ‫الكافية عن واقع مشاهد‪ ،‬وهذه‬                                               ‫‪-‬المطلق والتجريبي‪ -‬وما يحيط‬
     ‫ذهنية كاملة وتسبق العملية‬                                            ‫بهما من ظرف تاريخي اجتماعي‪،‬‬
                                                                             ‫مستفيدة منهما معتمدة عليهما‬
   ‫الثانية وتؤسس لها‪ ،‬أما الثانية‬                                         ‫اعتما ًدا كليًّا في فهم الحياة والكون‬

                                                                                                ‫والوجود‪.‬‬
                                                                                 ‫لذلك‪ ،‬فالمعرفة «هي الإرث‬
                                                                                ‫الحقيقي في تصور العقلاء‪،‬‬
                                                                           ‫والتي تناقلت من فترة إلى أخري‬
                                                                              ‫بجهد الطالبين لها‪ ،‬وحيث لم‬
                                                                             ‫يق َو الإنسان في بداية الأمر إلا‬
                                                                               ‫أن يكون بدائيًا في تعامله مع‬
                                                                            ‫المعطيات‪ ،‬فالإنسان اليوم يقوى‬
                                                                          ‫على أن لا يكون كذلك‪ ،‬ولعل الأمر‬
                                                                             ‫الحقيقي الذي يعد فاص ًل بين‬
                                                                              ‫كلا الحالتين هو (المعطى) أو‬
   112   113   114   115   116   117   118   119   120   121   122