Page 120 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 120
العـدد ١٩ 118
يوليو ٢٠٢٠
جهالة بابتكارهم سب ًل أكثر من أن ندير حاض ًرا لنا ،من دون يعني في المعاني الثقافية ما خلّ َفه
انحطا ًطا ،متآلفين وأعدائهم عبر ختم الماضي البعيد ،والشرعية الأسلاف من غنى وموارد روحية
الأزمنة ،وهابية تارة ،وسلفية الموهومة .تراث ،يتم التلطي خلفه، وثقافية وغيرها لللاحقين.
أخرى ،وإخوانية ثالثة ،وما خفي طلبًا للغلبة على الغير ،الأقربين ما نسميه :التراث ،يرد في
قبل الأبعدين .والغلبة تعني
كان أعظم! وضع اليد ،والتس ُّيد ،ولا تعني الفرنسية ،تحت مسمي
إنهم -وعن عمد -يقابلونك patrimoineبمعني الممتلكات
بأقاويل وانتقادات فاضحة القراءة والتأمل واستخراج ال ِع َبر
يملؤها استهجان لا نضوج فيه بالضرورة. المتناثرة جي ًل بعد جيل في
ولا عقل ،وكأن اللغة قد خلقت قصر ،على سبيل المثال ،وبات
مع التنزيل وتساويه قدسية ولا هكذا َيحصرون تاري ًخا واس ًعا، ملك الشعب بإدارة الدولة ،وهو
تسبقه ،مما دفع الكثير منهم متعد ًدا ،مختل ًفا ،متقلبًا ،فى :تراث، المعني نفسه تقريبًا الذي يرد في
إلى إنكار العلم التجريبي إنكا ًرا الإنكليزية heritageفلماذا نسمي
كام ًل وإغلاق الوعي المعرفي الذي فيما َيطلبون من اللفظ امتلاك في العربية ترا ًثا ما هو ليس بإرث
يعين على الحياة وإعمار الأرض. الغير وتبديد ماضيه .والظريف في مادى ،وما يعني بالتالي في معاني
والمدهش أن غالبيتهم تعلم خارج كلامنا؟ كان في الإمكان تسمية:
أرضه ولا ينطق العربية المدعاة، لفظ :التراث ،أنه حمل هذا المعني التراث ،بالماضي المش ِّرف ،ما
بل يجهلونها بالكلية إلا النادر الثقافي المستجد عند ُكتاب «ع َيّنوا» دام أن الأحفاد البعي ِدين يريدون
منهم ،وتقافزوا إلى الأحدث تقنيًّا، التمسك به مثل زاد روحي ،مثل
وعلميًّا ،مستفيدين بأموالهم بكل أنفسهم فلاسفة ومفكرين ،فيما ممتلكات ثقافية جديرة بالحفظ.
مقتضيات العصر ومستحدثاته، لم يفعلوا واق ًعا سوى تقليد ما إلا أنهم يحتفظون بالتراث عنوا ًنا
مصدرين إلينا ما يعجزنا! كان يفعله هذا الخليفة أو ذلك مز َّو ًرا لعملية توارث غير قائمة،
ومن المدهش –أي ًضا -إغفال ما السلطان ،وهو أنه :وارث شرعية وغير ممكنة .فمجرد الكلام،
ورد في القرآن من آيات ومعان أو إجراء الحسبة بين الورثة،
يراد بها كل ما بني على العقل الإسلام»)3(. سيوقعنا في خلافات دموية ،أقلها
والمنطق ومعطيات الكون والحياة والسؤال الأن :ماذا لو أن الفتح الفتنة الكبرى ،وما تلاها ،وما
والفرد وتأويلها حسب رؤيتهم الإسلامي الذي اخترق وامتد إلى يتجدد اليوم بصيغ مختلفة.
الضيقة الأكثر جمو ًدا وتزمتًا .ثم، كافة الأصقاع المعروفة له شر ًقا
لماذا لا يوجد فرق لديهم بين علوم وغر ًبا ،وكان من حسن طالعه أن ُيجمعون على اسم :التراث،
الطبيعة أو علوم الدين والفقه، تلك البلاد ضمن أكبر حضارات و َيختلفون في تركته .وك ٌّل،
وكيف فهموا الآيات؟! إذ أن وراء خندقه ،يريد ربط الماضي
الله أراد بالعلم ن ًّصا علوم الفقه الدنيا وأقدمها ،ولها مدركاتها به ،بالنزاع مع غيره .اقتسام
والدين ،أراد أي ًضا علوم الطبيعة وتراكمها المعرفى ،ومساهمتها التاريخ ،إ ًذا ،وإعادة تدوينه ،حتى
وجعلها أم ًرا واجبًا في العديد من في نمو العقل البشري وارتقائه.. أن أحد الورثة بات الأول (عند
آيات تدعو للتأمل وإعمال العقل، ماذا لو أخذ بمعارفها تلك بدي ًل بعضهم) وقبل الرسول نفسه.
والنظر في الكون ،وكيفية الخلق، عن تصدير معارفه الصفرية ترا ٌث لأمة ،إ ًذا ،لكن وفق منطق
والإحاطة المعرفية بها والاستفادة والانحطاط بها إلى درك الجهالة القبيلة والأفخاذ والبطون ،على
منها وصو ًل للإيمان الكامل .هي والبداوة احتما ًء بالدين ،وتعمده الرغم من الحاسوب والصاروخ
دعوة للمتابعة والاطلاع والبحث والفحص الجينى .تراث ،بما ُيبطل
فيما خلق وصور ،ألا تكون محو مدركاتها ونقل قديمه التاريخ ،والوقائع ،و ُيقيم العصبية
وجاهليته الأكثر سو ًءا ،وليس المخت َرعة أص ًل وأف ًقا .تراث ،بما
لديه سوى الصحراء الجرداء ُيخفي خروقنا ،ويجعلنا أدنى
أر ًضا ورو ًحا ثقافة ومعرفة،
وقدر من بلاغة اللغة ،ألم يكن
الأفضل لأمة الإسلام مجتمعة؟!
غير أن الحاصل عكس ما كان
يجب ،وزادوا الطين بلة ،والجهل