Page 118 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 118
العـدد ١٩ 116
يوليو ٢٠٢٠
سيف ومصحف فهي محاولة ترتيب هذا الواقع
وصوره الذهنية سعيًا إلى فهمه
بالضرورة ،فكل معرفة علم والعلوم الإنسانية جميعها،
وليس كل علم معرفة ،فهي علوم معرفية صرف ،لا تخضع وتفسي ًرا لكيفية حدوثه على
أشمل من العلم وأرحب ،تضم للتجربة المعملية ،ولا تحتاج إلى هذا النحو الذي شوهد عليه ،أو
بين جنباتها مختلف العلوم بمعنى آخر يمكننا القول إن العلم
والأفكار والفلسفات والأعراف معادلات وقوانين ثبوت ،وهي
وأنساق القيم والمعلومات عبر ليست يقينية كذلك ،بل هي أقرب هو فهم المدركات من الصور
الأزمنة ،وما توصل إليه المجتمع إلى وجهات نظر تحتمل الصواب والوقائع والظواهر المحصلة ذهنيًّا
البشري في كافة المناحى ،والسعي والخطأ والقفز عليها أو إنكارها والتي أصبح لها وجود فعلي لدي
إلى الاستفادة من كل التجارب وتجاوزها إلى الأحدث والأرحب، العا ِل الذي يسعي للربط بين تلك
الإنسانية سابقها وحاضرها ،وما هي المخيلة وقدراتها على التصور،
الظواهر بعضها ببعض وصو ًل
يحيط الفرد والجماعة. لكنها –أي ًضا -تحتاج إلى إدراك إلى ماهية هذه الصور وكيفية
لكنك حين تبادر بسؤال معرفي المحيط والتراكم المعرفى ،فهي
–أي ًضا -حول الفرق بين العلم اتساع أفقي وامتداد رابط بين حدوثها على ما هي عليه ،هو ربط
الوجود الذهني بالوجود العيني
والمعرفة ،فالإجابة تكون على الصور المتعددة ومحيطها وبين وصو ًل إلى ماهية الشيء المراد
التصور ،ولا تعني بتفسيرها فهمه على ما هو عليه.
لتوضيح المسألة أكثر ،نعود قلي ًل
إلى تجربة إسحق نيوتن على
سبيل المثال ،ذاك الذي سقطت
فوق رأسه تفاحة أو تفاحات
لحظة تواجده أسفل شجرتها،
فتكونت لديه صورة ذهنية عن
السقوط ،يشترك فيها الناس
جمي ًعا كواقع عادي يحدث،
فالأشياء إن تركت في الفراغ
الأعلى سقطت إلى الأرض تلقائيًّا.
هذه الصور الذهنية المتراكمة لديه
تنشئ السؤال :لماذا؟!
ولا بد لها من تفسير وكيف
تحدث؟!
يعود نيوتن ليربط بين الصور
الذهنية المحصلة والوجود العيني
لإثبات الكيفية والسبب على
ما هي عليه :التفاح يسقط على
الأرض ،تخرج بعدها مجموعة
من القوانين للجاذبية والحركة
لتؤسس صو ًرا ذهنية جديدة
تبني عليها تفاسير وإثباتات
لماهية أشياء أخرى تحدث وواقع
يحتاج إلى فهم على ما هو عليه.