Page 136 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 136

‫العـدد ‪١٩‬‬                            ‫‪134‬‬

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                    ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

    ‫والاضـطراب وما هم فيه من‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                ‫شرح صحيح البخارى»‪.‬‬           ‫اُي(ْإلُِ َّْْنصسلِلاِ َِْبمحنِي َِبني ِه‪ََ .‬هب َْيذاَن َ ِفس َئيِّ َت ٌدْي َِنو َل ََعع َِّلظيا َملََتّ َْلي َِأن ْن ِم ْن‬
     ‫الفتنة خشي عليهم من بعده‬                                                                                                                                                                                                                                                                                        ‫ذكر أهل العلم أن الحسن بن علي‬          ‫ولما تسلم معاوية البلاد ودخل‬
     ‫تفاقم الحال‪ ،‬ومزيد الخلاف‬
  ‫والاضطراب‪ ،‬فرأى أن المصلحة‬                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫اشترط على معاوية أن لا يعهد‬       ‫الكوفة وخطب بها‪ ،‬واجتمعت عليه‬
     ‫في أخذ البيعة لابنه يزيد من‬                                                                                                                                                                                                                                                                                         ‫لأحد من بعده بالخلافة‪ ،‬إنما‬      ‫الكلمة في سائر الأقاليم والآفاق‪،‬‬
     ‫بعده؛ فشاور كبار الصحابة‬                                                                                                                                                                                                                                                                                        ‫يكون الأمر من بعده شورى بين‬               ‫ترحل الحسن بن علي ومعه‬
  ‫وسادات القوم وولاة الأمصار‪،‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                        ‫المسلمين‪ .‬قال ابن حجر الهيتمي‬            ‫أخوه الحسين وبقية إخوتهم‬
    ‫فجاءت الموافقة منهم‪ ،‬وجاءته‬                                                                                                                                                                                                                                                                                       ‫رحمه الله «ولما تصالحا كتب به‬       ‫وابن عمهم عبد الله بن جعفر من‬
  ‫الوفود بالموافقة على بيعة يزيد‪،‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                      ‫الحسن كتا ًبا لمعاوية‪ :‬بسم الله‬       ‫أرض العراق إلى أرض المدينة‬
 ‫وبايعه الكثير من الصحابة؛ حتى‬                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫الرحمن الرحيم هذا ما صالح‬
   ‫قال الحافظ عبد الغني المقدسي‬                                                                                                                                                                                                                                                                                        ‫عليه الحسن بن علي رضي الله‬        ‫النبوية على ساكنها أفضل الصلاة‬
  ‫«خلافته صحيحة‪ ،‬بايعه ستون‬                                                                                                                                                                                                                                                                                             ‫عنهما معاوية بن أبي سفيان‪:‬‬                             ‫والسلام‪.‬‬
 ‫من أصحاب رسول الله صلى الله‬                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫صالحه على أن يسلم إليه ولاية‬
 ‫عليه وسلم منهم ابن عمر»‪ ،‬وقد‬                                                                                                                                                                                                                                                                                            ‫المسلمين‪ ،‬على أن يعمل فيهم‬          ‫فلما احتضر معاوية دعا يزيد‬
  ‫ثبت في صحيح البخاري أن ابن‬                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫بكتاب الله تعالى وسنة رسول‬           ‫فأوصاه بما أوصاه به‪ ،‬وبايع‬
‫عمر بايع يزيد؛ ف َع ْن َنا ِف ٍع َقا َل‪َ َ « :‬لّا‬                                                                                                                                                                                                                                                                      ‫الله‪ ،‬وسيرة الخلفاء الراشدين‬
  ‫َخ َل َع َأ ْه ُل ا ْ َل ِدي َن ِة َي ِزي َد ْب َن ُم َعا ِو َي َة‬                                                                                                                                                                                                                                                   ‫المهديين‪ ،‬وليس لمعاوية بن أبي‬          ‫النا ُس يزيد‪ ،‬وفيهم كثير من‬
‫لَُِ«ََيَووهإََِجبإوَِاِّذناََِّنماَيسٌءََيلعَّايعََليما َََّْرَْوبرَلسي َُُمُنُقِجَأمج َْاْوعلعٌُْللعَلُ ُلِقَُتمم‪َ:‬عيعَارلالَ(َلىغمىَُينَّْدِةَْنبحِبَبً)ْريََّْياَي ِشعَِصعَأوَمإِاُْاََُعهّنبلاَصَلَّّظَللَِِّلوََِلمقُكَ َْودوَاَِّلولِمَرَلََدَبرَّْانُُلغهَُُياسَأسََِْدعفعوَْونَنَلٍلقِرالِْايِه ِهِهَ‪،،‬ل‪:‬‬        ‫سفيان أن يعهد إلى أحد من‬          ‫الصحابة‪ ،‬منهم ابن عمر وابن‬
‫َأُثَهَْعّمَذَلا ُُمياْن َْأ َلََ ْحصم ًد ِرُابإِ ََِّلملُْنه ُكاَكْْلما ِقَن َتَ ْاختَلُلَاع‪ْ ،‬لُه َفَوْيَإِو ِّنََلصي ََبل َالََيب َْيعنِ ِيف‬                                                                                                                                                                        ‫بعده عه ًدا‪ ،‬بل يكون الأمر من‬       ‫عباس رضي الله عنهم‪ ،‬وامتنع‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     ‫بعده شورى بين المسلمين‪ ،‬وعلى‬            ‫الحسين بن علي وعبد الله بن‬
                        ‫َو َب ْي َن ُه»‪.‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                 ‫أن الناس آمنون حيث كانوا‬
   ‫ولعل السبب الذي دفع معاوية‬                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫من أرض الله تعالى‪ ،‬في شامهم‬             ‫الزبير رضي الله عنهم عن‬
   ‫لأخذ البيعة ليزيد‪ ،‬أنه رأى أن‬                                                                                                                                                                                                                                                                                         ‫وعراقهم وحجازهم ويمنهم‪،‬‬         ‫مبايعته‪ .‬وقال ابن بطال رحمه الله‬
  ‫يمنع الخلاف‪ ،‬ويجمع الكلمة في‬                                                                                                                                                                                                                                                                                         ‫وعلى أن أصحاب علي وشيعته‬
‫هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها‬                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫آمنون على أنفسهم وأموالهم‬          ‫«سلّم الحسن الأمر إلى معاوية‬
  ‫الأمة‪ ،‬مع نظره لكثرة المطالبين‬                                                                                                                                                                                                                                                                                      ‫ونسائهم وأولادهم حيث كانوا‪،‬‬             ‫وصالحه وبايعه على السمع‬
   ‫بالخلافة‪ ،‬فرأي رضي الله عنه‬                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫وعلى معاوية بن أبي سفيان‬             ‫والطاعة على إقامة كتاب الله‬
‫أن في توليته ليزيد صلا ًحا للأمة‪،‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                      ‫بذلك عهد الله وميثاقه‪ ،‬وأن لا‬
   ‫وقط ًعا لدابر الفتنة باتفاق أهل‬                                                                                                                                                                                                                                                                                   ‫يبتغي للحسن بن على ولا لأخيه‬        ‫وسنة نبيه‪ ،‬ثم دخلا الكوفة فأخذ‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                       ‫الحسين ولا لأحد من أهل بيت‬            ‫معاوية البيعة لنفسه على أهل‬
              ‫الحل والعقد عليه‪.‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                      ‫رسول الله غائلة س ًّرا ولا جه ًرا‪،‬‬
     ‫وقال ابن خلدون رحمه الله‪:‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                       ‫ولا يخيف أح ًدا منهم في أفق من‬       ‫العراقين‪ ،‬فكانت تلك السنة سنة‬
   ‫«والذي دعا معاوية لإيثار ابنه‬                                                                                                                                                                                                                                                                                      ‫الآفاق‪ .‬أشهد عليه فلان‪ ،‬وفلان‬      ‫الجماعة لاجتماع الناس واتفاقهم‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     ‫بن فلان‪ ،‬وكفى بالله شهي ًدا‪ ،‬ولما‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ‫انبرم الصلح التمس معاوية من‬           ‫وانقطاع الحرب‪ ،‬وبايع معاوية‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                    ‫الحسن أن يتكلم بجمع من الناس‪،‬‬          ‫ك ُّل من كان معتز ًل عنه‪ ،‬وبايعه‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                         ‫ويعلمهم أنه قد بايع معاوية‬      ‫سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                    ‫وسلم إليه الأمر‪ ،‬فأجابه إلى ذلك‪.‬‬      ‫عمر ومحمد بن مسلمة‪ ،‬وتباشر‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        ‫لما رأى معاوية رضي الله عنه‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                         ‫ما عليه الناس من الاختلاف‬             ‫الناس بذلك‪ ،‬وأجاز معاوية‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                            ‫الحسن بن علي بثلاثمائة ألف‪،‬‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫وألف ثوب‪ ،‬وثلاثين عب ًدا‪ ،‬ومائة‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫جمل‪ ،‬وانصرف الحسن بن علي‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫إلى المدينة‪ ،‬وولى معاوية الكوفة‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫المغيرة بن شعبة‪ ،‬وولى البصرة‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫عبد الله بن عامر‪ ،‬وانصرف إلى‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫دمشق واتخذها دار مملكته‪ -‬من‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141