Page 144 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 144

‫العـدد ‪١٩‬‬                            ‫‪142‬‬

                                ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬                        ‫الكاتبة الأمريكية موضوع‬
                                                                ‫التدمير في قصيدة النثر من‬
 ‫وعلى الرغم من هذه الشكوك‬       ‫النظرة التقليدية للأدب‪ ،‬حيث‬
‫لا يزال يدعي أن النوع «يمكن‬     ‫الشعر والنثر متمايزان بشكل‬        ‫منظور دراسات الجندرية‬
                                                                  ‫وتعلن (كما تسميها) أنها‬
    ‫أن يستمر في الحفاظ على‬       ‫صارم عن بعضهما البعض‪.‬‬           ‫النوع الجندري الأول «أحد‬
    ‫الإيمان بدرجات متفاوتة‬       ‫ومن الصواب أيضا أن ثورة‬         ‫ضحايا (‪ )..‬أزمة الجندرية‬
    ‫(‪ )..‬بثورته الأصلية ضد‬       ‫قصيدة النثر ذهبت أبعد من‬         ‫في الأدب»‪ .‬في هذه اللحظة‬
     ‫التماثل المهيمن‪ ،‬وأحادية‬    ‫ذلك‪ ،‬لأنها تميل أو تتجه إلى‬      ‫تمتزج الجماليات بالمفاهيم‬
‫الصوت للأنواع الشعرية ذات‬        ‫تقويض نظام الأنواع الأدبية‬      ‫التي يتم تطبيقها عادة على‬
   ‫النمط الواحد‪ ،‬والإقصاءات‬      ‫بأكمله‪ .‬ومع ذلك هناك خطر‬          ‫السؤال حول تأثير كونك‬
‫الجمالية التي تسهم في إعادة‬     ‫محدد في تبني هذه التقييمات‬          ‫امرأة أو رج ًل على حياة‬
   ‫إنتاج المجتمع الذي لا يزال‬     ‫الماضية للأشكال الأدبية في‬    ‫الناس وموقعهم الاجتماعي‪،‬‬
  ‫قائ ًما على العلاقات الهرمية‬    ‫إطار الاهتمامات المعاصرة‪.‬‬      ‫وما إلى ذلك‪ .‬تتجاوز ميرفي‬

         ‫للجنوسة والطبقة»‪.‬‬          ‫أريد أن أركز على واحدة‬            ‫مجال هذه الاشكالية‪،‬‬
      ‫لا تتردد مارجريت إس‬             ‫من المخاطر التي تكون‬       ‫وتناقش الأنواع الأدبية من‬
    ‫ميرفي في تصوير قصيدة‬
   ‫النثر على «أنها نوع ما بعد‬      ‫فيها قصيدة النثر معرضة‬          ‫حيث جندريتها الملموسة‪،‬‬
  ‫حداثي محتمل أو فعلي كما‬           ‫للهجوم بشكل خاص‪ :‬لو‬              ‫مشيرة إلى فحولة الأنا‬
   ‫يتصوره ليوتار»‪ .‬ونتيجة‬          ‫اتفقنا على أن قصيدة النثر‬
   ‫لذلك اكتشفت «عدم تحديد‬        ‫دمرت نظام الأنواع الأدبية‪،‬‬      ‫الغنائية‪( ،‬وقوة العضلات)‬
‫مزمن في هذا النوع‪ ،‬وخطورة‬        ‫فهل نظل نعالجها بعد مرور‬       ‫للنثر في القرن التاسع عشر‪.‬‬
  ‫عدم القدرة على التنبؤ التي‬      ‫أكثر من قرن على أنها نوع‬
‫تدفع النقاد إلى وضع المعايير‪،‬‬   ‫يكسر المعايير أو نتعامل معها‬     ‫كما جعلته أكثر فحولة من‬
      ‫وتأسيس عمليات المنع‪،‬‬         ‫بالأحرى كقاعدة مستدامة‬       ‫النثر غير الأدبي في الخطاب‬
  ‫لتحقيق الثبات والاستقرار‪،‬‬         ‫للمعايير؟ مؤلفون –منهم‬     ‫العلمي‪ ،‬فالهيمنة التي وجدت‬
  ‫ولكن في نهاية المطاف تقلل‬      ‫جوناثان مونرو‪ ،‬ومارجريت‬        ‫في النصف الأخير من القرن‬
    ‫من قيمة الشكل‪ ،‬وتهينه»‬         ‫إس ميرفي‪ -‬يحاولون بكل‬         ‫التاسع عشر هي السبب في‬
  ‫(ميرفي‪ ،‬ص‪ .)200‬لا تريد‬        ‫الوسائل المحافظة على هويتها‬    ‫رأيها في أزمة ذكورية الشعر‪.‬‬
     ‫ميرفي حتى الموافقة على‬       ‫في مخالفة القواعد‪ .‬يتشكك‬
     ‫تفسيرات النوع على أنها‬      ‫مونرو مع ذلك في «أن الدور‬         ‫في بعض الأحيان ينطوي‬
  ‫«تقنين للحظة تحول نوعي‬                                          ‫هذا المنظور الوظائفي على‬
 ‫عام» (فريدمان‪ ،‬ص‪ ،)5‬لأن‬              ‫الحواري لقصيدة النثر‬       ‫مزيد من التدخل في جوهر‬
 ‫ذلك من وجهة نظرها يؤدي‬         ‫بوصفه شك ًل قد لا يقال عنه‬      ‫النص ذاته‪ .‬وذلك شيء مغ ٍر‬
   ‫«إلى إدانة قصيدة النثر إلى‬                                  ‫للنقاد الذين يفرطون في إعلاء‬
   ‫التدهور الحتمي» (ميرفي‪،‬‬         ‫أنه تدميري أو استفزازي‬          ‫(فكرة التدمير) بوصفها‬
     ‫ص‪ .)200‬تفضح حجة‬                  ‫جدلي‪ ،‬كما كان يقال في‬
 ‫ميرفي رغبة حنين في الحفاظ‬                                           ‫مفهو ًما عالميًّا يشير إلى‬
 ‫على الأثر الثوري الأولي لهذا‬    ‫السابق» (مونرو‪ ،‬ص‪.)330‬‬         ‫هجنة القصيدة النثرية‪ ،‬وإلى‬
   ‫النوع‪ ،‬ورغبة ساذجة غير‬           ‫هو يعترف دون قصد أن‬          ‫الدور الذي لعبته في الطعن‬
  ‫مستدامة في إعادة اليوتوبيا‬      ‫هذا «ينشأ لا محالة بسبب‬
‫المثالية للتغلب على الاختلافات‬    ‫عملية الاستيعاب التاريخي‬          ‫على النموذج الكلاسيكي‬
                                                                     ‫للحدود الأدبية‪ .‬ظهرت‬
                                 ‫التي م ّر بها النوع» (مونرو‪،‬‬    ‫القصيدة النثرية بالفعل في‬
                                ‫ص‪ ،)335‬ويخشى أن تكون‬            ‫القرن التاسع عشر بوصفها‬
                                ‫قصيدة النثر «معرضة بشكل‬            ‫اخترا ًعا رومانسيًّا يجابه‬

                                   ‫متزايد للتقليد والتقديس»‪.‬‬
   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149