Page 149 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 149

‫حول العالم ‪1 4 7‬‬

‫ميخائيل باختين‬  ‫شارل بودلير‬      ‫فريدريك جيمسون‬                   ‫التماس الزمني يمكن إدراكها‬
                                                                    ‫بسهولة في أي جزء قصير‬
 ‫ما تتكون من سلسلة طويلة‪،‬‬             ‫الحدث متكل ًما‪ ،‬وسيكون‬
‫فإن جميع القصائد في الدورة‬            ‫له طبيعة مميزة للأخبار‬       ‫من الشعر‪ .‬هذا صحيح طالما‬
‫تخدم بعضها البعض بوصفها‬          ‫باختصار التي يمكن أن تكون‬           ‫نهتم فقط بالإيجاز‪ ،‬ولكنه‬
                                      ‫أكثر إبها ًرا مما هو عليه‬     ‫يفشل عندما نأخذ التركيبة‬
   ‫سيا ًقا إضافيًّا يعزز انطباع‬   ‫بالفعل» (سكوت‪ ،‬ص‪.)364‬‬
     ‫التماسك الجوهري‪ .‬فقد‬              ‫عند النظر إليها من تلك‬      ‫بوصفها ك ًّل عضو ًّيا‪ .‬هي في‬
                                    ‫الزاوية‪ ،‬تبدو قصيدة النثر‬       ‫الواقع الخاصية الأساسية‬
 ‫لاحظ جان جوزيف ليبسكي‬               ‫أكثر تقد ًما ووعيًا بالذات‬      ‫لقصيدة النثر التي تميزها‬
    ‫وهو ناقد بولندي أن هذه‬          ‫في اختراع الأنماط الحديثة‬       ‫عن أي نوع آخر من الشعر‬
    ‫العلاقات الداخلية المتبادلة‬  ‫للغنائية‪ .‬تكمن الميزة الرئيسة‬         ‫المكتوب في القصائد‪ .‬إن‬
   ‫بين قصائد النثر المنفصلة‬          ‫لهذه الآلية من الكتابة في‬         ‫طبيعة كسر الخيط الذي‬
    ‫تطمس الاختلافات العامة‬          ‫سياق واسع الانتشار‪ ،‬تم‬          ‫ينطوي عليه التفسير تجعل‬
                                     ‫الحصول عليه بنجاح من‬           ‫العضوية إشكالية‪ ،‬وتتطلب‬
  ‫المحتملة‪ ،‬وتقلل من أهميتها‪،‬‬    ‫الملحمة‪ .‬حتى إذا تم تخفيضها‬             ‫حلو ًل شعرية إضافية‬
‫وتلفت انتباه القارئ إلى وحدة‬         ‫في بعض الأحيان مقارنة‬             ‫متطورة‪ ،‬للوصول إليها‬
                                 ‫بالمقياس الملحمي المعتاد‪ ،‬فإن‬
   ‫الدائرة أو الدورة‪ .‬وبالتالي‬      ‫السياق المحدد كاف لإعادة‬      ‫واكتسابها‪ .‬في قصيدة الشعر‬
    ‫بينما تحتفظ قصيدة النثر‬      ‫بناء الموقف الغنائي‪ ،‬باعتباره‬      ‫التقليدية‪ ،‬وكذلك في الشعر‬
 ‫بوحدتها المتكاملة‪ ،‬فإنها تظل‬    ‫لا ينفصل عن تجربة المتحدث‬              ‫الحر‪ ،‬يشتمل كل قالب‬
   ‫أي ًضا جز ًءا من كيان أكبر‪.‬‬      ‫المحددة‪ .‬بالإضافة إلى ذلك‬      ‫شعري على كيان مميز قابل‬
   ‫اكتشفنا مرة أخرى الوعي‬         ‫فنظ ًرا لأن قصائد النثر غالبًا‬      ‫للقياس أو الوزن‪ ،‬يتطلب‬
‫الذاتي لما وراء الأدب في كتاب‬                                         ‫اهتما ًما فرد ًّيا لنفسه‪ .‬في‬
‫(سأم باريس) لبودلير‪ ،‬حيث‬                                               ‫القصيدة الحرة اكتسبت‬
   ‫استهله بخطاب إلى ناشره‬                                              ‫القصائد المحررة القائمة‬
   ‫أرسين هوساي‪ ،‬يقول فيه‬                                             ‫على بناء الجمل استقلالية‬
                                                                    ‫أوسع من القوالب الشعرية‬
                                                                   ‫التي ترتبط بالانتظام‪ .‬ولكن‬
                                                                     ‫القصائد بشكل كلي فقدت‬
                                                                      ‫الوحدة من خلال القياس‬
                                                                      ‫أو الوزن التي كانت قبل‬
                                                                     ‫ذلك مضمونة‪ .‬فقد اتضح‬
                                                                       ‫أن عملية تحرير التعبير‬
                                                                    ‫الشعري أداة غامضة تخلق‬
                                                                    ‫بالكاد انطبا ًعا عن شخصية‬
                                                                    ‫شعرية‪ ،‬تتوزع طاقتها بين‬
                                                                     ‫الخطوط المستقيمة‪ .‬وطبقا‬
                                                                     ‫لكليف سكوت «فإن خطر‬

                                                                  ‫هذه الغنائية يرتبط في أن (‪)..‬‬
                                                                     ‫القصيدة تمثل حد ًثا بدون‬
                                                                     ‫سياقه‪ ،‬بد ًل من أن يصبح‬
   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153   154