Page 164 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 164
العـدد ١٩ 162
يوليو ٢٠٢٠ ولا ظاهر ًّيا إلا وأريد أن أعلم
حاصل ظهارته.
لكن هذا اليقين لم يكن بنظم ويكذبه حاكم العقل ،ويخونه،
دليل أو ترتيب مقدمات ،وإنما تكذيبًا لا سبيل إلى مدافعته()10 ولا فلسفيًّا إلا وأقصد الوقوف
على كنه فلسفته.
بنور قذفه الله في الصدر، لجأ الغزالي إلى العقل لعله
وذلك النور كما يقول هو يصل به إلى الإدراكات اليقينية، ولا متكل ًما إلا وأجتهد في
مفتاح أكثر المعارف ،وهو غير الاطلاع على غاية كلامه
موقوف على الأدلة العقلية، لكنه فقد ثقته بالضروريات،
وإنما يقذفه الله في القلب ،فهو التي تمثل القضايا الأولية، ومجادلته.
كشف باطني ،أو حدس داخلي، ذلك لأنه لما حكم العقل بخطأ ولا صوفيًّا إلا وأحرص على
يطلع النفس مباشرة على الحسيات ،فمن يدري لعل
البديهيات والحقائق الأولى، العثور على سر صفوته.
لأنها لا تدرك بالاستدلال أو وراء حاكم العقل ،حاك ًما ولا متعب ًدا إلا وأترصد ما
النظر ،وإنما بالحدس»)12(. أخر ،إذا تجلى كذب العقل في يرجع إليه حاصل عبادته.
كان لا بد للغزالي من الاستناد حكمه ،وعدم تجليه لا يدل على ولا زندي ًقا معط ًل إلا وأتحسس
إلى حقيقة أولية ،مدركة استحالته!( )11ولكن ألا يمكن وراءه للتنبيه ،لأسباب جرأته
بالبداهة والحدس ،عبر عنه أن يتجلى حاكم آخر ،فيحكم
بالنور ،وهذا قريب مما انتهى بكذب العقل ،وهذا الاحتمال في تعطيله وزندقته)9(.
إليه ديكارت في إثباته للذات يفتح الباب لحاكم ثالث ورابع اقتحم الغزالي لجة هذا البحر
وهكذا ..وهذا بدوره يدخلنا في
المدركة. سلسلة من الشك الذي لا يمكن العميق ،المتلاطم الأمواج،
يسبح في تيارات مختلفة،
البحث عن الحقيقة الخروج منه! أصابه هذا الاقتحام بأزمتين
الدينية: استمرت الشكوك تساوره من الشك كانت أزمته الأولى:
قرابة الشهرين ،كان فيهما في تتعلق بشكه في أدوات المعرفة،
يري الغزالي أنه لا سبيل مقام السفسطة بحكم الحال لا وكانت الثانية تتعلق ببحثه عن
إلى الوصول إليها ،إلا ببيان بحكم النطق والمقال ،شفي بعد الحقيقة وكيفية الحصول عليها
الموقف من أصناف طالبي هذين الشهرين من مرضه، من هذه العلوم المتعددة.
واستعاد عافيته العقلية ،وعاد
إليه اليقين بالضرورات العقلية نقد أدوات المعرفة:
لقد قدم الغزالي
الكثير من
الأدلة التي
تقدح في صحة
إدراك الحواس،
وانتهي إلى
أن الإدراكات
الحسية وأمثالها
من المحسات،
يحكم فيها
حاكم الحس،
بأحكامه،