Page 184 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 184
العـدد ١٩ 182
يوليو ٢٠٢٠ إثبات الرسل ،وأخرى في
نقض مسائل الملحدين ،كما
وشريعة المسلمين)11(. التى توجه تفكير الفارابي)9(.
وتستمد الفلسفة عند الفارابى والتدبير والسياسة والنظر في نجد ظهير الدين البيهقي
قيمتها السياسية من مفهومه (ت565هـ) يذكر أنه قد جمع
العواقب ،والفضيلة الفكرية في بعض تصانيفه بين أصول
لها ،ومن الدور الذي نسبه التى يتم بها الاستنباط ما الشرع وأصول المعقولات)7(.
إليها ،فليست الفلسفة عند ينفع الأمة هو فعل إنسانى
الفارابي قاصرة على العلم يقوم به الفيلسوف -كما رأى وقد جمع فلاسفة الإسلام
التقليدى ،وإنما هي جماع الفارابى ،-ونفوس أهل المدينة وعلى رأسهم الفارابى
العلوم النظرية والعملية، الفاضلة هى نفوس تهذبت (ت339ه) بين التراث
وليس الفيلسوف عنده هو بالفلسفة وكانت على اتصال
المنعزل الذى يعيش متعاليًا اليوناني والتراث الإسلامي
أو منطو ًيا أو مغتر ًبا ،وإنما دائم بالعقل الفعال)10(. متمث ًل في شريعة الدولة
هو ذلك القادر على أن ينقل وبهذا أضفى الفارابي -متأثرا
علمه إلى المواطنين في وطنه. بأفلاطون -على الفلسفة أهمية الإسلامية ،محاولين إخراج
نسق فكري متميز ،وتقديم
وعلى حملهم على الأخذ سياسية كشرط جوهرى
بفضائله النظرية والسلوكية، في تولي الحكم وتدبير أمور نموذج تاريخي للاتصال
الدولة؛ فبهذا العلم الرئيس الحضاري بين القديم
سعيًا وراء نيل السعادة
والحياة الطيبة .ومن ثم يلتقي وما تستتبعه من سيطرة والحديث عبر العصور،
على العلوم الأخرى يبلغ خاصة في مجال الفكر ونظم
الفيلسوف والرئيس الأول الرئيس الأول مرتبة ينال
عند تماثل كل من مؤهلاتهما بها السعادة والكمال؛ اللذين الحكم)8(.
العلمية ،ووظيفتهما السياسية، يتحققان بكمال المعرفة، وانطلق الفارابى من التصور
ويؤهلانه بالتالى للقيادة بما
فالفيلسوف هو الرئيس يهديهم من نور حكمته ،الذى الذى يرى أن الإنسان لا
الأول ،والرئيس الأول هو يكشف أسرار الحكم التى يصلح إلا بصلاح المدينة،
تنطوى عليها شرائع الأقدمين ولا يستقيم قيام المدينة إلا
الفيلسوف)12(. بحضور الفيلسوف الحكيم
ويقرر الفارابي هذا التعادل الجدير بالتدبير السياسى.
هذا التصور صادر
عن فكرة الحكيم
المتشبه بالآلهة
«الذى لا يكون
فعله إلا صوا ًبا
وحكمه هو الأخلق
والأجدر بتبوئه
منزلة رفيعة فى
الهرم السياسي،
وهو المؤهل للقيام
بهذا الدور ولا نجد
مسو ًغا لهذا الطرح
إلا فى جمهورية
أفلاطون ،وهي
الخلفية الفكرية